حسم المجلس التشريعي موقفه من "قضية استقالة الحكومة" التي تأرجحت في الايام الاخيرة ما بين تصميم رئيس الوزراء عليها ورفض الرئيس الفلسطيني لها، ليس فقط بتصويت غالبية النواب النواب الى جانب توصية اللجنة البرلمانية الخاصة لدراسة الوضع السياسي والامني بقبول الاستقالة، وانما ايضاً، وللمرة الاولى، وضع استمرارية عمل المجلس التشريعي على محك "الجدوى" منه كسلطة تشريعية لها ثقلها في جهاز الحكم بما في ذلك صلاحيته بحجب الثقة عن الحكومة و"استحداث" وسائل ضغط على الرئيس الفلسطيني لحمله على تنفيذ قرارات المجلس الذي دان نفسه بنفسه ب "القصور في آداء مهامه"، موزعاً مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع في الاراضي الفلسطينية عليه وعلى الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه. علق المجلس التشريعي الفلسطيني جلسته الطارئة الى اليوم الخميس لاقرار "آلية عملية" لتنفيذ القرارات التي اتخذها بتأييد غالبية اعضائه امس والتي طالبت الرئيس الفلسطيني بقبول استقالة الحكومة الفلسطينية برئاسة احمد قريع ابو علاء وتشكيل حكومة جديدة ومنح مزيد من الصلاحيات الحقيقية وفقا للقانون الاساسي الى مجلس الوزراء، ايا كانت تشكيلته، للاضطلاع بمسؤولياته، علاوة على تطبيق "وثيقة الاصلاح الوطني" التي اقرها المجلس التشريعي سابقا ولم تطبق على الارض". واقر المجلس التشريعي تشكيل لجنة برئاسة رئيس المجلس روحي فتوح للقاء الرئيس الفلسطيني ومطالبته بقبول استقالة حكومة "ابو علاء" التي لاقى اداؤها انتقادات شديدة اللهجة من معظم المتحدثين في المجلس واتهمت بالقصور في قدرتها على انتزاع الصلاحيات التي منحها لها القانون الفلسطيني. واكد النائب حاتم عبدالقادر ل"الحياة" ان المجلس التشريعي مصمم على وضع "الية تنفيذ لكيفية الضغط على ا لرئيس عرفات لتنفيذ قراراته، القديم منها والجديد". واشار الى ان المجلس سيتخذ عددا من الخطوات لحمل الرئيس على تنفيذ هذه القرارات من بينها البدء في اعتصام مفتوح للنواب داخل المجلس التشريعي او اضراب عن الطعام او تعليق جلسات المجلس وصولاً الى تقديم استقالات جماعية. واضاف: "حانت ساعة الحقيقة. نريد ان نعرف اما هناك جدوى ليستمر عمل هذا المجلس، واما لا جدوى فنستقيل ونجلس في بيوتنا". وزاد: "لا نقبل بهذا العبث السياسي والتسيب والفوضى وعدم اتخاذ القرار وضياع المسؤولية". وخاطب رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي جمال الشاتي وزير الداخلية حكم بلعاوي بالقول: "قلت ان وزارتك مخطوفة" فلماذا انت على راس هذه الوزارة ولماذا يقبل مجلس الوزراء ان "تخطف" هذه الوزارة. وقال النائب عبدالكريم ابو صلاح وزير العدل السابق: "انا اطلب من حبيبنا وصديقنا ابو علاء ان يغادر". ولم يوفر اعضاء المجلس التشريعي انتقاداتهم للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، اذ قال الوزير النائب في المجلس التشريعي عن حركة "فتح" قدورة فارس "كلنا مذنب، والمذنب الاول هو الرئيس عرفات". وقال النائب حاتم عبدالقادر مخاطباً الرئيس الفلسطيني: "ليس هكذا تساس الابل ايها الاخ الرئيس ابو عمار". اما جمال الشاتي فخاطب الرئيس الفلسطيني بالقول: "عندك الاشكال وعندك الحل . نحن مع سيادة الرئيس في ظل سيادة القانون ولسنا مع سيادة الرئيس كبديل لسيادة القانون". وطالب عدد من النواب بحجب الثقة عن الحكومة وعدم الاكتفاء بمطالبة الرئيس بقبول استقالتها. وبعد نحو خمس ساعات من المداخلات والنقاشات لتقرير اللجنة البرلمانية السياسية الخاصة لدراسة الوضع السياسي والميداني، اقر المجلس التشريعي بغالبية 34 صوتا مقابل امتناع اربعة عن التصويت، وتصويت اربعة ضده، على توصيات اللجنة الخمس وفي مقدمها "الطلب من الرئيس ياسر عرفات استعمال صلاحياته ومسؤولياته باعتباره راس السلطة الوطنية لاصدار تعليماته والعمل على تنفيذ فوري لوقف الممارسات الخطيرة التي تجري في المحافظات الجنوبية قطاع غزة من قبل بعض قادة اجهزة الامن ومسلحين". والتوصية الثانية هي "الطلب من رئيس السلطة قبول استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تحمل مسؤولياتها، على ان يكون برنامج الحكومة الجديدة قائماً لاتخاذ الاجراءات اللازمة والفورية لاجراء انتخابات عامة شاملة والسعي نحو تأمين الشراكة السياسية اوالعدالة الاجتماعية". وطالب المجلس التشريعي رئيسي السلطة والحكومة الفلسطينية بتقديم مشروع القانون المتعلق بهيكلة وتنظيم عمل وصلاحيات واختصاصات الاجهزة الامنية للمجلس التشريعي للبدء فورا في دراسته من اجل اقراره. كما طالب المجلس نفسه "بممارسة ولايته في التشريع والرقابة والمحاسبة ... والتأكيد على ضرورة تنفيذ المبادئ التي تضمنتها وثيقة الاصلاح وربطها بجدول زمني للتنفيذ، خصوصاً الانتخابات، واعتبار الالتزام بوثيقة الاصلاح اساساً لمنح الثقة الى اي حكومة فلسطينية قادمة". وفي قرار لافت، طالب المجلس التشريعي الفصائل والاحزاب السياسية بالعمل من اجل التوصل الى "توافق حول برنامج وطني وسياسي ملزم ... والتوقف الفوري عن ممارسة اي عمل من شأنه الاضرار بارواح وامن وممتلكات المواطنين بما في ذلك اطلاق الهاونات والصواريخ". واكد نواب في المجلس التشريعي ان فتح جميع ملفات الفساد سيكون المطلب الاول للجنة البرلمانية التي ستلتقي الرئيس الفلسطيني وعلى رأسها "ملف الاسمنت". واشارت المصادر الى انه في حال امتناع النائب العام عن البدء في التحقيق في هذه الملفات، فان المجلس التشريعي "سيطيح به.. لأنه لا رجعة عن القرار في ملف فتح ملفات الفساد . يجب تصويب اوضاع هذا الشعب المرهق والمجروح والمدمر بسبب ممارسات الاحتلال، ولا يحتاج الى اعباء اضافية".