بدأ الأردنيون العد العكسي لانطلاقة مهرجان جرش الرابع والعشرين للثقافة والفنون الذي يقام في الفترة ما بين 21 تموز يوليو الجاري و 7 آب أغسطس. فعبر مهرجان جرش، يبدأ الموسم الصيفي للنشاطات الفنية في المملكة، وربما ينتهي بانتهائه! من بعد الإعلان الرسمي عن فاعليات المهرجان الأحد الفائت، بدأ الأردنيون يعدون العدة ل"غزو" المدينة الأثرية كل مساء لحضور إحدى الفاعليات وهم منقسمون إلى قسمين، كما الحال مع اسم المهرجان. الأولون يهتمون بالشق "الفني"، والآخرون بالشق "الثقافي". وعلى رغم أن بعضهم يهتم بالشقين معاً، فإن الغالبية العظمى من الأردنيين تهوى تقسيم المهرجان إلى قسمين... مما أوجد نوعاً من الازدواجيّة لدى الجمهور بين "الفنّي" والمقصود الشعبي والمنتشر، و"الثقافي" والمقصود الأدبي والنخبوي. في الجانب الفني، سيحتضن المدرج الجنوبي الذي تقام عليه الحفلات الغنائية الكبيرة أخيراً "نجمة" أردنية، هي ديانا كرزون في يوم الافتتاح. فعلى امتداد عمر المهرجان الذي يقارب الربع قرن، لم يستطع فنان أردني إحياء ليلة على المدرج الشهير الذي وقف عليه عشرات الفنانين القديرين. وكان الحل وقتها إحياء "ليلة أردنية" يغني فيها عدد من المغنين الصاعدين والفرق الموسيقية والغنائية. كما سيشهد الشق الفني من المهرجان عودة الكثير من الفنانين الذين أحيوا حفلات غنائية سابقة. ومما يرفع من أسهم الشق الفني لدى الأردنيين، كثرة المشاركين المحليين فيه. فإضافة إلى كرزون، تغني المطربة الواعدة مكادي نحاس على المسرح الشمالي، فيما يستضيف المسرح الجنوبي ليالي أردنية مختلفة، منها للاعبي ال "دي جي" المحليين، ولفنانين أردنيين مختلفين يطلون برعاية نقابة الفنانين. وتتلخص أهمية الشق الفني من المهرجان، على قلته، بالجانبين المادي والجماهيري. والجانب الثقافي هذا العام زاخر بالمشاركين والفاعليات على حد سواء. فللشعر حضور قوي، تماماً كما للحفلات الموسيقية الصرفة والمسرحيات، مع تميز يبدو أثره واضحاً حتى قبل افتتاح المهرجان لملتقى القانون العالمي الأول الذي يأتي بعدما احتضن المهرجان العام الماضي ملتقى العود العالمي الأول بنجاح. وما يزيد من محبة الأردنيين لهذا المهرجان، اتاحته الفرصة لهم للتعرف إلى ثقافات موسيقية متنوعة يصعب التمتع بها في مهرجان آخر، يقدم شقا الفني والثقافي وجبة فنية دسمة تطفئ من حرارة صيف الأردن اللاهبة. في النهار ينقسم الجمهور إلى "فني" و"ثقافي"، وعند المساء يذهب الجميع نحو المدينة الرومانية العتيقة، بانتظار نهار انقسام جديد.