بتوزيع جديد لألحان أغنيتَي توفيق النمري التراثيتين «شبابنا قوموا العبوا والموت ما عنّه» و«دخلِك يا زيزفونة»، بدأت «فرقة رم» الموسيقية، بقيادة طارق الناصر، حفلة افتتاح مهرجان جرش في دورته ال23، بعد انقطاع «قسري» استمر ثلاث سنوات. الحفلة التي أقيمت قبل أيام، على المسرح الجنوبي للمدينة الأثرية، تضمنت أيضاً فقرة غنائية من الموروث بعنوان «والله الزمان... زمان». وعزفت الفرقة المؤلفة من 19 عازفاً، مقطوعتين نهض بهما العازفون على آلاتهم النفخية أساساً، باتجاه ألحان درامية تصاعدية ممزوجة بالصوت البارع للفنانة سحر خليفة - مغنية الفرقة الرئيسة، والذي يقارب الشجنَ لكنه في الوقت نفسه يضيء الجمال في النفس. وفي ذلك استعادة لأعمال الناصر في الموسيقى التصويرية، كما هي الحال في مسلسل «نهاية رجل شجاع». وتوزع العازفون، ثلاثة على الكمان، وثلاثة على الآلات النفخية، وثلاثة على الإيقاع، وثلاثة على الغيتار الكهربائي، وعازف واحد لكلٍّ من آلة العود والقانون والدرامز بينما عزف الناصر على البيانو. الجمهور الذي توزع على المسرح الجنوبي، الأكبر من بين المسارح في المدينة الأثرية إذ يتسع لخمسة آلاف مشاهد، كان أكثر تفاعلاً مع أغنية وطنية قدمتها ناتالي سمعان، بألحان موسيقية مسجّلة، مطلعها: «يا طيور صحّاها الندى، ويا شمس طلعت على الهدى، غنّوا معي وبصوت يطلع له صدى، حبّيتك يا أردن»، ورافقت الأغنية لوحات راقصة لمجموعات من الفتيان والفتيات ملأت الساحة الرئيسة في مقدم المسرح. وأمام حضور رسمي كبير، من وزراء وأعيان وأعضاء في السلك الديبلوماسي، وعلى رأسهم رئيس الوزراء معروف البخيت، ألقيت كلمات المنظمين على منصة الساحة الرئيسة، قبيل الحفلة الفنية. كما شهدت حفلة الافتتاح حضور أصحاب رُتَب عسكرية رفيعة من الجيش والأمن العام، ومندوبين عن مؤسسات المجتمع المدني. هذا الحشد الرسمي الكبير يلفت، على ما يبدو، إلى وقوف الدولة بقوة إلى جانب استمرار المهرجان بعد توقفه ثلاث سنوات وكان حلّ محله خلالها «مهرجان الأردن» كما يمثل في أحد وجوهه رسالة من الدولة إلى «جبهة العمل الإسلامي»، كبرى قوى المعارضة السياسية في البلاد، بأن لا عودة عن تواصل دورات «جرش» مستقبلاً، بعدما أبدت «الجبهة» معارضتها لعقد المهرجان وفق بياناتها وأدبياتها السياسية. ونقلت مصادر إعلامية محلية، عن رئيس فرع «الجبهة» في جرش، عيسى رواشدة، قوله إن المهرجان أثناء عقده، يتسبب في استنزاف الماء والكهرباء وفي اكتظاظ مواقف السيارات وإعاقة الحركة. ويلتقي محبّو الطرب نجمين كانت لهما صولات وجولات مع الجمهور على المسرح الجنوبي نفسه، في دورات سابقة للمهرجان، وهما ملحم بركات وجورج وسوف. وتعدّ تذاكر حفلتيهما الأعلى سعراً، إلى جانب تذاكر الكويتي نبيل شعيل واللبنانية نجوى كرم، إذْ تباع التذكرة ب25 ديناراً (35 دولاراً) للحفلة الواحدة. كما تقدّم حفلات على المسرح نفسه، للموسيقار المصري عمر خيرت، وفرقة موسيقى «هول» من لبنان، وفرقة نادي الجيل الشركسية (الأردن). ولم يغفل المهرجان المشاركة الفلسطينية، إذ تقدم «فرقة العاشقين» ليلة فنية، وتحيي «فرقة إنانا» السورية ليلة أخرى تُتحف بها الجمهور بلوحات راقصة متنوعة. جديد هذه الدورة يتمثل في تغيير مواقع الأمسيات الشعرية، فقد كانت تقام في عمّان (مؤسسة خالد شومان - دارة الفنون، المركز الثقافي الملكي، مركز الحسين الثقافي، ورابطة الكتاب الأردنيين...)، بينما يقرأ الشعراء قصائدهم في هذه الدورة على مسرح آرتيمس، إلى يسار شارع الأعمدة، في مدينة جرش الأثرية. ويشارك في المهرجان: شاعر المحكية اللبناني طلال حيدر والفلسطينيان غسان زقطان والمتوكل طه والعُماني سيف الرحبي والإماراتية ميسون القاسمي والمصرية هبة عصام والسوريان سهيل العبدول ولينا الطيبي والسعودية هيلدا إسماعيل. ومن الأردن يوسف أبو لوز وعلي النوباني وقيس قوقزة وحيدر محمود ونايف أبو عبيد وعلي العامري ومها العتوم وزياد العناني وحبيب الزيودي وأمجد ناصر وميسون أبو بكر. كما تُعرض على «آرتيمس» مسرحيتان كوميديتان محليتان قُدمتا للجمهور سابقاً: «زعل وخضرة» لحسن السبايلة، و «فشّة غُلّ» لحسين طبيشات. وتقدَّم للمرة الأولى في هذا المهرجان مسرحية «كبسة منسف دوت كوم» لزياد أبو سويلم وسهير الفاحوش، و «لوحات فنية» لمحمود صايمة. أما المسرح الشمالي، فتزدحم فيه الفاعليات التي لا تخلو من التميز، بمشاركة «فرقة ثريا جبران» من فلسطين والفرقة الصينية لجامعة شنغهاي و «فرقة المعهد الوطني للموسيقى» و «فرقة فلامنكو» الإسبانية و «فرقة إربد للموسيقى العربية» و «فرقة وسط البلد» (مصر)، والفنانين الأردنيين أحمد عبندة، غادة عباسي، ثمين حداد وغالب فاخوري. ويحتضن «مسرح الصوت والضوء»، إلى يمين شارع الأعمدة، مسرحيات الأطفال: «رحلة أمل»، «مغامرات زعلول وبهلول»، «غريب في القرية»، «الأحلام السعيدة»، «السندباد»، «صندوق الفرح»، «الثعلب الماكر»، «طرطوش»، «بيئتي الجميلة» و «فرحة العيد» من إنتاج مركز هيا الثقافي. وتشتمل حفلة الختام، مساء 8 آب (اغسطس) المقبل على ليلة طربية بمشاركة الفنانين: حسين السلمان، متعب الصقار، هاني متواسي ونهاوند، وأغاني ومعزوفات موسيقية تنهض بها «فرقة رم» بقيادة طارق الناصر. وتتواصل الفاعليات على الساحة الرئيسة على مدار ليالي المهرجان، مجاناً، بمشاركة 36 فرقة شعبية محلية. وتتوزع على طول شارع الأعمدة الذي يوصل المسرحين الجنوبي بالشمالي، مواقع الحرف الشعبية، والحرف اليدوية، إضافة إلى تقديم فرقة فنية عرضاً يومياً تجسد فيه إحدى كتائب الجيش الروماني وسباق عربات الخيل.