اول فيروس الكتروني في التاريخ مُصَمَّم ليُصيب الهواتف النقالة، وتحديداً الانواع المتطورة منها. اسمه "كبير" Cabir، وهو دودة الكترونية تتسلل من خلوي الى اخر عبر تقنية "بلوتوث" Blue Tooth، التي تتوافر في الانواع الاكثر تطوراً من الخلويات. يدفع هذا الخبر "التاريخي" الى التفكير في الوضع الراهن للاتصالات الالكترونية. فبعد ان اندمج الخلوي مع الكومبيوتر وشبكة الانترنت، وهو امر هللت له الصناعة الرقمية طويلاً تحت شعار "تلاقي التقنيات" Convergence، يبدو ان الهاتف النقال يدفع ثمن ذلك الاندماج. والحال ان الخلويات المتطورة، من النوع المعروف باسم "الجيل الثالث" 3G، تحتوي على نظام تشغيل يشبه ذاك الذي يدير اجهزة الكومبيوتر، وتقدر على الاتصال مباشرة مع الانترنت. ولعل ابسط وصف للخلويات المتطورة، انها مزيج من كومبيوتر وهاتف نقال. ولسنوات طوال، عانت الكومبيوترات من الفيروسات التي تأتي اليها غالباً من الانترنت. ومنذ اندماج الكومبيوتر مع الخلوي، يتساءل كثيرون عن احتمال انتقال هذه المعاناة من الحواسيب الى الخلوي. لم تتأخر الهواجس في التحول الى وقائع الكترونية. فالمعلوم ان الفيروسات الرقمية تستغل نقاط الضعف في نظم تشغيل الكومبيوتر، لتتسلل الى برامجها، خصوصاً البريد الالكتروني. والمثال الاشهر على ذلك هو دأب صُنَّاع الفيروسات على استغلال نقاط الضعف في نظام مايكروسوفت "ويندوز" للتسلل الى بريد "اوت لوك"، والانتشار عبره. والحال ان فيروس الخلوي يصيب نظام تشغيل الهواتف النقالة من نوع "سيمبيان" Symbian OS، الذي تصنعه مجموعة من الشركات، مثل "سيمينز" و"نوكيا" و"سامسونغ" و"اريكسون" و"سوني اريكسون" و"بسيون" و"باناسونيك". وتستعمل هذه الشركات، اضافة الى شركة "ان تي تي. دوكومو" اليابانية، نظام "سيمبيان" في هواتفها المتطورة من الجيل الثالث للخلوي. وراهناً، يوجد في العالم ما يقارب 7 ملايين خلوي تعمل بنظام "سيمبيان". فيروس "الناب الازرق" على عكس فيروسات الكومبيوتر، التي تنتقل بسهولة عبر العالم بواسطة شبكة الانترنت، فان فيروس "كبير" يبدو مثل السلحفاة! والسبب في ذلك انه يدخل الى برنامج "بلوتوث"، وترجمته بالعربية "الناب الازرق"، الذي لا يعمل الا ضمن دائرة ثلاثين متراً. اذاً، لكي ينتقل من جهاز الى آخر، يُفترض تشغيل برنامج "بلوتوث" في الهاتف المُصاب، ووجود خلوي اخر يحتوي البرنامج نفسه، ضمن مسافة ثلاثين متراً. لذا، يميل بعضهم الى التقليل من اهمية هذا الفيروس، لانه لا يسبب اي اذى في الهاتف المصاب، سوى ظهور كلمة "كاريب" Caribe على شاشة الخلوي عند بدء كل مكالمة! وفي هذا السياق، صرح غراهام كلولي، من شركة "سوفوس" لمكافحة الفيروسات بان "كبير" يمثل "علامة تاريخية، لكنه غير مؤذ تقنياً". وذهب دافيد ايم، من مختبرات "كاسبيرسكي" الى تبني الرأي نفسه. والمعلوم ان شيئاً ما يشبه فيروس الخلوي، ظهر للمرة الاولى في العام 2000، لكنه لم يزد عن كونه برنامج اًلاعادة ارسال بعض رسائل الخلوي، بطريقة مزعجة. وعلى نقيض ذلك، يرى بعض الخبراء ان الفيروس الاول للخلوي، هو اول الغيث، الذي لا بد من ان يعقبه كثير من المطر! وتاريخياً، فان فيروسات الكومبيوتر، التي تعتبر راهناً أشد ما يقلق الصناعة الالكترونية، ابتدأ ك"مزحة" للتسلية بين خبراء الكومبيوتر. وصُنعت الفيروسات الاولى على سبيل التسلية والفكاهة والتحدي. والحال ان فيروس الخلوي من صنع مجموعة معروفة، تُطلق على نفسها اسم "29 أ" a29. وتُعرَف بانها مجموعة تعمل على سبيل التحدي التقني، ولم تَصنَع ابداً اي فيروس مُضر. الا يشبه الامر بدايات فيروسات الكومبيوتر؟ وبعد الكومبيوتر والخلوي، من ستستهدف الفيروسات؟ هل ستصيب السينما الرقمية مثلاً، في وقت تتجه فيه الصناعة الالكترونية الى ادماج الكومبيوتر مع التلفزيون والسينما؟ لننتظر ولنر.