هل تشكل الانترنت وسيلة لنشر المعرفة ام انها وسيلة خداع وتضليل لا ينتهيان؟ هل من وسيلة فاعلة لحماية الجمهور من المعلومات الخاطئة التي تنهمر سيولاً عبر الشبكة الدولية للكومبيوتر، خصوصاً بواسطة البريد الالكتروني؟ تتوسع دائرة هذه الاسئلة وسواها في كل مرة "تصاب" الانترنت بجنون الاشاعات المريبة. واخيراً، وجهت إشاعات الانترنت ضربتها الى... الخلوي. ويتناقل البريد الالكتروني رسالة تحذر من فيروس يحمل اسم "ايه سي اي" ACE. وبلهجة حاسمة، تطلب الرسالة من كل مستخدم للخلوي ألا يفتح جهازه، اذا ظهرت على شاشته كلمة "ايه سي اي" باعتبارها اسم المتصل. وتنصح الرسالة بعدم الرد على مكالمات "ايه سي اي". وفي حال مخالفة هذا الأمر، فإن بطاقة الهاتف ستدمر كلياً، فيغدو الجهاز من دون نفع. وللمزيد من الاقناع، تزعم الرسالة ان مواقع شركتي "نوكيا" و"موتورولا" تؤكد هذه المعلومات، كما تدعمها معلومات منشورة في موقع شبكة "سي ان ان" الشهيرة. وتؤكد أن ثلاثة ملايين هاتف خلوي اصيبت بفيروس "ايه سي اي"! وتثبت مراجعة المواقع المذكورة كذب المعلومات الواردة في تلك الرسالة. اذ لا ذكر لملايين من الخلويات المُصابة، ولا وجود اصلاً لفيروس للخلويات اسمه "ايه سي اي". والحال ان هذه الرسالة تحمل ملمحين يمكن اعتبارهما جزءاً من "نهج" في الاشاعات على الانترنت، وهما ادعاء الحرص على الجمهور، والظهور بمظهر علمي ملائم. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن ظاهرة الاشاعات ذات الطابع العلمي ليست جديدة على الانترنت. ومثلاً، يعمد بعضهم الى نشر معلومات لها مظهر علمي تحذر من بعض انواع الشامبو او الحفاضات او الاطعمة او غيرها. ولأن الصحة موضوع حساس، يُصاب الكثيرون بالذعر. وبلغ الأمر حداً جعل موقع "مراكز ترصد الأمراض" في أتلانتا، وهي هيئة علمية دولية مرموقة، يفرد قسماً خاصاً باسم "اشاعات الانترنت الكاذبة". ويتخصص هذا القسم في رصد الاشاعات الطبية التي تظهر على الانترنت، ويفندها ويرد عليها. وفي المقابل، فإن ظهور فيروسات تضرب الخلويات بات من الامور التي تقلق المجتمع العلمي، وشركات الاتصالات المتطورة في العالم. فالمعلوم ان الخلويات تطورت بحيث باتت قريبة من "كومبيوتر" مُصَغَّر. وينطبق هذا الوصف على مجموعة من خلويات الجيل الثالث، التي تحتوي على نظام تشغيل يشبه ذلك الموجود في الكومبيوترات. وفي حال انتشار تلك الهواتف، فإن ظهور من يؤلف فيروساً الكترونياً يَضربها أصبح أمراً وارداً. أما راهناً، فيمكن الجمهور القول إن الرسالة عن فيروس "ايه سي اي" الوهمي للخلويات لا أساس علمياً لها.