يعقد قادة حلف شمال الأطلسي ناتو قمتهم المقبلة في اسطنبول الاثنين والثلثاء، وهي الأولى لهم منذ توسيع الحلف إلى شرق أوروبا في أيار مايو الماضي ليشمل 26 دولة. ويواجه القادة تحديات عدة أبرزها ترجمة "وعودهم السياسية إلى أفعال"، كما قال الأمين العام ل"الناتو" ياب دي هووب شيفر في كلمة قبل أيام أمام "مركز الإصلاح الأوروبي". وليس سراً أنه كان يقصد وعود "الناتو" بتعزيز قواته خارج العاصمة الأفغانية كابول، وهي وعود بقيت حبراً على ورق. وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية البريطانية، إن موضوع أفغانستان سيكون فعلاً على رأس الأولويات في قمة اسطنبول. وأوضح أن القمة ستناقش ثلاثة مواضيع رئيسية هي: 1- "العمليات" التي يقوم بها الحلف، وعلى رأسها أفغانستان حيث تتولى قوة متعددة الجنسيات تضم بضعة آلاف من الجنود مساعدة الحكومة الأفغانية في تأمين الأمن في كابول. 2- "القدرات" المتاحة للحلف وسبل تحسينها، وتحديداً القدرة على نقل قوات بسرعة من منطقة إلى أخرى في حالات الطوارئ "إذ ليس من المفيد أن نصل إلى مكان بعد ان تنتفي الحاجة إلينا فيه"، كما قال المسؤول البريطاني. 3- "الشراكة" بين حلف الأطلسي وروسيا وأوكرانيا وأيضاً دول الشرق الأوسط. وأوضح المسؤول أن بريطانيا التي ستتمثل في القمة بوفد يضم خصوصاً رئيس الحكومة توني بلير ووزيري الخارجية جاك سترو والدفاع جيف هون، تأمل أن تؤكد قمة اسطنبول التزامات "الناتو" في أفغانستان، بما في ذلك مد نشاط قواته إلى خارج كابول. ولم يدخل المسؤول في تفاصيل نشر مزيد من القوات، لكن المعروف أن الحلف يخطط منذ فترة لتوسيع نشاطه إلى خمس مناطق خارج كابول عبر نشر فرق صغيرة "عسكرية - مدنية". ويقود البريطانيون فريقاً منها في مزار الشريف شمال أفغانستان، في حين يقود الألمان فريقاً آخر في قندوز شمال. لكن المشكلة أن دول الحلف تبدو مترددة في إرسال قوات إلى مناطق الجنوب والجنوب الشرقي حيث ينشط مؤيدو حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" والذين باتوا يمثّلون تهديداً جدياً لجهود إجراء الانتخابات الأفغانية المقبلة المتوقعة في أيلول سبتمبر المقبل. وأشار المسؤول البريطاني إلى أن قمة اسطنبول ستناقش أيضاً الوضع في العراق في ضوء انتقال السيادة إلى العراقيين في 30 حزيران يونيو. لكنه قال إن الحلف ليس في وارد اتخاذ قرار بإرسال قوات "لكننا سننظر في أي طلب تقدمه الحكومة العراقية الجديدة لا سيما في مجال تدريب قوات الأمن" التي يُعاد بناؤها حالياً. ولفت المسؤول الرفيع إلى أن الحلف سيعلن أيضاً نهاية مهمة قواته أس فور في البوسنة وانتقال المسؤولية إلى الاتحاد الأوروبي. وقال أيضاً إن الحلف سيؤكد دوره في كوسوفو كي فور والمتمثل في تأمين الأمن في هذه الدولة التي تعصف بها النزاعات الإثنية. وأكد أن موضوع "الشراكة" بين الحلف ودول أجنبية، مثل روسيا وأوكرانيا، سيحظى باهتمام القمة. وقال إن لندن تأمل بأن يمد الحلف يد الشراكة إلى دول الشرق الأوسط. لكنه استدرك: "ليس كلها بالطبع. فقط الدول التي ترغب في ذلك. نحن نعرض الشراكة والمساعدة، وحتى الآن تلقينا ردوداً مهتمة من بعض الدول العربية". ورفض كشف هذه الدول المهتمة بعرض "الناتو"، لكنه قال إن الحلف يرغب في التحدث مع الدول المتوسطية التي تسعى إلى إصلاح مؤسساتها العسكرية، مثلاً، أو التنسيق في مجال عمليات الإغاثة ومكافحة الإرهاب. ومعلوم أن "الناتو" يقود منذ سنوات عملية "أنديفور" في البحر المتوسط حيث توقف بحرية الحلف سفناً يُشتبه في أنها تنقل "إرهابيين" أو أسلحة. ومعلوم أن حلف "الناتو" بدأ في 1994 "الحوار المتوسطي" الذي يشمل حالياً الجزائر ومصر وإسرائيل والأردن وموريتانيا والمغرب وتونس.