تزود الاتحاد الاوروبي للمرة الاولى بدستور موحد يتضمن القيم المشتركة بين شعوب البلدان الاعضاء ال25. وعلى رغم ما تم إحرازه من تقدم في مفاوضات مشروع الدستور، لم تتوصل القمة الى اتفاق على خليفة رومانو برودي، مما دفع الامور نحو تأجيل الى قمة استثنائية تعقد لاحقاً بعد الاتفاق على مرشح. وأحرزت القمة الاوروبية في يوم الثاني والأخير في بروكسيل أمس، الوثيقة النهائية للدستور بعد أكثر من عامين من المفاوضات والجمود الناجم عن خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء. وقال بيلا أندا الناطق باسم المستشار الالماني غيرهارد شرودر إن ألمانيا وفرنسا اللتين تتمتعان بثقل في الاتحاد، تدعمان حلاً وسطاً ًبخصوص الدستور اقترحته ايرلندا الرئيسة الحالية للاتحاد. ورأى إيلمار بروك مبعوث البرلمان الاوروبي إلى القمة "هذا الأمر يناسب الجميع". غير أن الوثيقة الايرلندية تشمل سلسلة تغييرات في المسودة الاصلية للدستور، تتضمن تعديلاً واضحاً من أجل تسوية المطالب المتناقضة لاعضاء الاتحاد. وشكا بروك من أن تلك الصفقة تعطي الدول الصغيرة مقاعد أكثر في البرلمان بالنسبة لتعداد سكانها. وسيكون نص الدستور بمثابة رسالة سياسية في اتجاه الرأي العام الأوروبي الذي أظهرت غالبية قطاعاته لا مبالاة حيال عملية البناء الأوروبي، وذلك من خلال تغيبها عن صناديق انتخاب البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي. وحذر بات كوكس رئيس البرلمان من عواقب فشل القمة على الرأي العام. وقال ان "المعركة الحقيقية تبدأ الآن لتأمين مصادقة الشعوب الأوروبية على الدستور". وأعلن الكثير من الدول الأعضاء رغبتها في المصادقة على مشروع الدستور، في استفتاءات عامة تستمر على مدى عامين، مما يثير المخاوف من ردود فعل سلبية. رئاسة المفوضية وأخفق زعماء الاتحاد في محاولات اختيار رئيس للمفوضية. وبعد ترشيح الليبراليين لرئيس الوزراء البلجيكي غي فيرهوفشتات والديموقراطيين المسيحيين لعضو المفوضية كريس باتن، انتهت المفاوضات بتحييد كل منهما. وحظي المرشح البلجيكي فيرهوفشتات بدعم كل من المستشار الألماني شرودر والرئيس الفرنسي الذي تحدث عن ضرورة توافر شروط "الثقافة الأوروبية وقدرة الحوار واتخاذ القرارات" لدى رئيس المفوضية. ورفض شيراك مسايرة خيار دعم النواب الديموقراطيين المسيحيين المرشح البريطاني باتن. إلا أن فيرهوفشتات اصطدم بمعارضة بريطانيا التي قطعت الطريق أمامه لأسباب مناصرة الاندماج الأوروبي ومعارضته الحرب الأميركية - البريطانية على العراق. وقال وزير الخارجية البريطاني عن فيرهوفشتات إنه "لا يمثل المرشح الذي يحظى بالدعم الإيجابي ليس من جانب بريطانيا فحسب بل من جانب بعض الأعضاء الآخرين". وانتقد شرودر مبادرة نواب الوسط والمحافظين في البرلمان من خلال ترشيحهم كريس باتن. ورأى أنها "مناورة حزب سياسي"، وهدف الى عرقلة المرشح المدعوم من ألمانيا وفرنسا. وعلى الأثر نشطت بورصة الترشيحات، وشملت القائمة كلاً من رئيس وزراء النمسا وولفغانغ شوسل ونظيره البرتغالي مانويل دوراو باروزو ورئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر وعضو المفوضية مسؤول الشؤون الداخلية انطونيو فيترورينو. وتقتضي المعاهدة الأوروبية حصول المرشح على غالبية أصوات قادة البلدان الأعضاء الخمسة والعشرين. وكانت مصادر ديبلوماسية تحدثت عن سيناريو تصادق فيه القمة على الدستور وترجئ القرار في شأن رئيس المفوضية الى اجتماع لاحق يعقد في غضون شهر تموز يوليو المقبل. واحتدم الخلاف عندما توجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى الرئيس جاك شيراك والمستشار غيرهارد شرودر قائلاً: انهما "لا يديران شؤون أوروبا بمفردهما او داخل دوائر ضيقة". ونقل المتحدث الرسمي عن توني بلير القول ان "أوروبا تعد 25 زعيماً وليس ستة أو اثنين". وفسر ديبلوماسيون توتر الموقف بعملية لي الذراع في شأن المرشحين لرئاسة المفوضية. وانتقدت البلدان الأطلسية المقربة من بريطانيا كإيطاليا وبعض البلدان الشرقية، منها بولندا، حديث شيراك عن "وجوب ان يتحدر الرئيس الجديد للمفوضية من بلد ذي تجربة طويلة في مسار الاندماج الأوروبي وفي شكل خاص انخراط البلد المعني في عملة يورو والمعاهدات الأوروبية منها معاهدة "شينغن" لحرية تنقل السكان". كرواتيا وتركيا على صعيد مختلف، أعلن قادة الاتحاد منح كرواتيا صفة مرشح للانضمام إليه، بحلول عام 2007 إلى جانب بلغاريا ورومانيا. وفي المقابل، أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بروكسيل أمس، عن أمله في أن تبدأ أنقرة مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الأوروبي في آذار مارس 2005.