سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
واشنطن تتراجع عن معارضتها دوراً سياسياً للصدر وجنرال اميركي يستبعد كسب الحرب عسكرياً . تظاهرة للشيعة تتوعد أهالي الفلوجة بالثأر واتهامات ل "المقاومة" بذبح ستة بعد تعذيبهم
طغت على الوضع الامني في العراق امس، بوادر مواجهة من نوع جديد بين الشيعة ورجال دين من السنّة في مدينة الفلوجة، وتوعد مئات من المتظاهرين في بغداد بالانتقام لمقتل ستة سائقين شيعة "ذبحوا في الفلوجة"، فيما اتهم زعيم عشيرة سكان هذه المدينة بارتكاب الجريمة وإثارة "خصومة طائفية قديمة"، مطالباً بالثأر منهم. وقال إن رجال دين من السنة "طالبوا على مدى 12 يوماً بدفع فدية لتسليم الستة احياء"، في حين اتهم بعض الشيعة "المجاهدين" المقاومين في الفلوجة بذبح السائقين بعد تعذيبهم، والتمثيل بجثثهم. ورفع المتظاهرون لافتات تندد ب"الارهابيين" في تلك المدينة، في وقت طاولت اعمال العنف انبوب النفط في جنوبالعراق، ما ادى الى وقف كل الصادرات النفطية للبلد عبر الخليج. تزامن ذلك مع اشادة الرئيس العراقي غازي الياور بالتحرك "الذكي" للزعيم الشاب مقتدى الصدر، واللافت تأكيد الرئيس جورج بوش للمرة الاولى امس ان واشنطن لن تعارض دوراً سياسياً للصدر، علماً انه كان وصفه الشهر الماضي ب"معاد للديموقراطية". وفيما تبنت جماعة "أبي مصعب الزرقاوي" أمس التفجير الانتحاري الذي أوقع في بغداد الاثنين 16 قتيلاً، اعتبر رئيس هيئة الأركان العسكرية الجنرال بيتر شوماخر أن الحرب في العراق "صراع أفكار لا يمكن كسبها عسكرياً ... وتوفر فرصة استثنائية لتغيير الشرق الأوسط". راجع ص2 و4 وفي حين أعلن الحلف الاطلسي استعداده لنشر قوات في العراق اذا طلبت حكومة اياد علاوي، دافع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مجدداً عن قراره خوض الحرب لإطاحة نظام صدام حسين، واصفاً علاوي بأنه "وطني". وسئل هل زرعت قوات التحالف في العراق، عبر تعيين علاوي، "جاسوساً" في العالم العربي، فأجاب: "ليس عدلاً ان يأخذ الناس على شخص مثله انه كان على اتصال بالحكومتين البريطانية والاميركية خلال فترة منفاه". في بغداد أ ف ب، أكد ممثلو عشائر شيعية في جنوبالعراق، أن مسلحين في مدينة الفلوجة قتلوا ستة شبان شيعة كانوا اعتقلوهم في الخامس من حزيران يونيو الجاري. وفي بيان وزع على وسائل الإعلام، خلال تظاهرة احتجاج في بغداد أمس، أكدت "قبائل ربيعة وعشائر الجنوب" التي وصفت الحادث بأنه "اجرامي"، أن الشبان قصدوا الفلوجة لتوصيل بضائع. وزاد البيان ان "مجموعة من الشبان يمتلكون سيارات نقل، ويعملون في نقل البضائع، ذهبت إلى مدينة الفلوجة حيث كان الشخص الذي استأجرهم من أهالي المدينة، وبعد تسليمهم البضاعة أسرتهم مجموعة تطلق على نفسها المجاهدين بالتعاون مع شرطة المدينة". واتهمت العشائر رجلي دين بارزين في الفلوجة، هما عبدالله الجنابي وظافر الدليمي، باصدار "أمر بإعدامهم بعد تعذيبهم بوحشية"، مشيرة إلى "التمثيل بجثثهم، وسلب كل ممتلكاتهم وحتى ملابسهم". ودانت العشائر هذا "الأمر الذي ترفضه كل الشرائع والأديان السماوية، ويخالف كل القوانين الالهية والوضعية، ويرفضه كل القيم والأخلاق في كل المجتمعات". وطالبت القبائل ب"أشد العقوبات للمجرمين الذين ساندوا هذه الجريمة ونفذوها"، محذرة من أن "السكوت على مثل هذه الأعمال يؤدي إلى عواقب وخيمة، تهدد أمن البلد والمواطنين". وتجمع حوالى مئتي شيعي أمام ساحة الفردوس في وسط بغداد، احتجاجاً على مقتل الشبان، وعرضوا صوراً للجثث التي مُثِل بها، وسلمت إلى أهالي القتلى أخيراً. وروى أحمد الربيعي، وهو أحد المتظاهرين، أن ثلاثة شيعة آخرين قتلوا في الفلوجة لا يزالون في مشرحة المدينة. وأبلغ قريب أحد القتلى، شمران محمد داود وكالة "فرانس برس" ان الشبان الستة "وقعوا على حاجز للمجاهدين، بعدما أوصلوا البضاعة، لكنهم لم يتوقفوا وتوجهوا فوراً إلى مركز للشرطة حيث اوقفهم أحد مسؤوليه، وسلمهم إلى المجاهدين. وبعد يومين عرفنا أن أمراً حدث، فتوجهنا إلى الفلوجة والتقينا الشيخ الجنابي فقال عودوا بعد يومين سنسلمهم لكم، وعندما عدنا، ارسلونا إلى مستشفى الرمادي حيث وجدنا عناصر من المجاهدين قالوا لنا إن علينا دفع 700 دولار عن كل جثة، وسلمنا المال إلى الجنابي". وفي تصريحات إلى قناة "العربية" الفضائية، قال الجنابي: "لا استطيع أن الطخ يديّ بجريمة، ولم أصدر قراراً بإعدام هؤلاء أو غيرهم". ونفى علمه بالجهة المسؤولة عن قتل الستة. وأفادت وكالة "اسوشييتدبرس" أن عشرات من الشيعة الغاضبين اتهموا شرطة الفلوجة بتسليم سائقي شاحنات الشيعة الى متطرفين من السنّة ذبحوهم بعدما لجأوا الى مركز للشرطة. لكن السلطات العراقية نفت الاتهام. واثيرت الادعاءات خلال التشييع في ساحة الفردوس. وقال مشاركون في التشييع ان السائقين كانوا ينقلون شحنة من الخيم الى "لواء الفلوجة" الذي يتعاون مع القوات الاميركية لحفظ الأمن في المدينة 60 كيلومتراً عن بغداد. وفي طريق عودتهم الى العاصمة في 5 حزيران يونيو الجاري، اوقف السائقين مسلحون عرّفوا أنفسهم بأنهم من "المجاهدين" الذين قاتلوا "المارينز" في نيسان ابريل. وتمكن الستة من الهرب ولجأوا الى مركز للشرطة، لكنهم سلّموا الى رجل دين سنّي متشدد "لانهم كانوا شيعة". كما قال مشاركون في الجنازة. وأضافوا ان الستة قتلوا بعدما طلب الذين كانوا يحتجزونهم، وأحدهم سوري، دفع 3 آلاف دولار عن كل منهم، لكن عائلاتهم عجزت عن دفع الفدية. ورفض العقيد عدنان عبدالرحمن، الناطق باسم وزارة الداخلية، الادعاءات ضد الشرطة، لكنه أكد مقتل السائقين الستة في منطقة الفلوجة. وقال الصبي محمد خضير 12 سنة انه كان ضمن المجموعة التي زعم ان الشرطة سلمتها، لكن رجل الدين واتباعه اخلوا سبيله، بسبب صغر سنّه كما يبدو. وأضاف: "حاولنا الحصول على حماية الشرطة، لكن رجل الدين سلمنا الى مجموعة من العرب كانوا يتكلمون بلهجات غير عراقية. تعرضت الى التعذيب لفترة، ثم أطلقوني"، وذكر أن شقيقه وعمه ذبحا. فيما روى رجل اسمه علاء مرعي انه توجه في 8 حزيران إلى الفلوجة للتفاوض لاطلاق الرهائن، والتقى سوريين أبلغوه انهم يحتجزون السائقين لأنهم "تواطأوا" مع الاميركيين. وأشار مرعي إلى أن "السوريين طلبوا دفع المبلغ الذي عجزت عائلات المحتجزين عن تدبيره". في غضون ذلك، أبدى الرئيس العراقي الجديد غازي الياور معارضته نشر قوات من الدول المجاورة، مؤيداً مشاركة دول أخرى عربية في القوة المتعددة الجنسية. وعلمت "الحياة" من مصادر أردنية مطلعة أن الياور سيزور عمّان قريباً.