في تطور لافت على الساحة الداخلية الفلسطينية اتفقت الفصائل الوطنية والاسلامية والسلطة الفلسطينية على تسلم المسؤولية المشتركة من جميع النواحي، خصوصا السياسية والامنية، في قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي المعلن حتى نهاية العام المقبل. كما اتفق رئيس الحكومة الفلسطينية مع الفصائل على عقد لقاء دوري كل شهر للبحث في كل القضايا التي تهم الفلسطينيين وقضيتهم. اتفقت القوى والفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية مع رئيس الوزراء احمد قريع "ابو علاء" على المشاركة في المسؤولية السياسية والامنية، وغيرها من المسؤوليات في اعقاب انسحاب اسرائيل الكامل من قطاع غزة، استنادا الى خطة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون المعلنة، التي ستنفذ حتى نهاية العام المقبل. وقال قريع وممثلون عن الفصائل ان القوى جميعا ستشارك في المسؤولية في القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي الشامل منه. وأكد قريع وممثلو الفصائل المنضوية تحت لواء لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية، بما فيها حركتا "المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" الحرص على الوحدة الوطنية والحوار الوطني ومعالجة الخلافات عبر الحوار. واتفق الطرفان خلال الاجتماع الذي عقده قريع مع ممثلي الفصائل في المقر الموقت للمجلس التشريعي بمدينة غزة أمس، على عقد لقاء شهري دوري بين الطرفين، واخرى كلما دعت الضرورة. وقال قريع للصحافيين في اعقاب الاجتماع الذي دام زهاء ساعتين ونصف الساعة ان "الفلسطينيين سيتولون المسؤولية في صف وجهد واحد في الأرض التي ستنسحب منها اسرائيل من اجل تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني". واضاف: "اننا نتطلع جميعا كقوى وطنية واسلامية وشخصيات وطنية الى اليوم الذي ستنسحب فيه اسرائيل من كل الارض الفلسطينية". وأشار الى انه "تم الاتفاق بيننا على وضع آلية لعقد لقاءات دورية مستمرة ومنتظمة، قد تقضي الضرورة ان تكون يومية او اسبوعية، على ان يكون هناك لقاء شهري على أعلى المستويات، كي نستطيع ان نرسم الخطط المشتركة سويا ونواجه متطلبات المرحلة". وعن الدور المصري قال قريع ان "ممثلي الفصائل توافقوا على الترحيب بالدور المصري الذي يعتبر سندا للجانب الفلسطيني حتى يستطيع مواجهة متطلبات المرحلة المقبلة". وجدد موقفه وموقف السلطة الذي يرى في الدور المصري "دورا" مساعدا لنا وفق احتياجاتنا لعملية لاعادة بناء الاجهزة الامنية ومساعدتنا على كسر الجمود الذي اصاب العملية السياسية نتيجة تنكر اسرائيل لكل التزاماتها". ووصف قريع وممثلو الفصائل اللقاء بانه "مثمر وايجابي". بدوره، قال القيادي البارز في حركة "حماس" الدكتور محمود الزهار ان قريع قدم عرضا مفصلا حول لقاءاته عربيا ودوليا، فيما استعرضت الفصائل مواقفها خلال اللقاء. واعتبر الزهار ان "مواقف القوى والفصائل تمحورت حول وحدة الشارع الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل، وعدم منح شارون اي التزامات مهما كانت من الجانب الفلسطيني كون خطته احادية الجانب". ولفت الى ان "ممثلي الفصائل اكدوا حق المشاركة في كل المجالات، احتراما لدماء الشهداء، ولتجنيب الشعب الفلسطيني اي وضع داخلي غير مقبول". وفي اشارة الى عدم وجود نية لدى حركة "حماس" لوقف العمليات قال الزهار: "ليس لنا أي التزامات امنية في أي مرحلة من المراحل التي يبقى فيها الاحتلال، وسيتم بعد ذلك الاتفاق على هذه الالتزامات داخليا وخارجيا لصوغ المرحلة المقبلة". ونفى ان تكون مشاركة "حماس" في الاجهزة الامنية معناها "الغاء برنامج المقاومة او التسليم للاحتلال الاسرائيلي لابتلاع الطعم السام الذي يحاول إلقاءه في فم الشعب الفلسطيني" مجددا التأكيد بأن "مشاركة "حماس" ستأتي بعد انتهاء الانسحاب، اما ما يتم الحديث عنه الان فهو ضمانات امنية لما قبل الانسحاب". من جهته، قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول ان قريع اكد اثناء اللقاء عدم وجود مبادرة مصرية، بل "جهد مصري وان هذا الجهد جاء بناء على طلب السلطة الفلسطينية". واضاف الغول في حديث ل"الحياة" ان "قريع قال ان الاخوة المصريين بحاجة الى اتفاق فلسطيني حول كل القضايا، بما فيها الدور الامني المصري". وقال ان وفد الجبهة الشعبية دعا الى عقد اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير للبحث في كل القضايا المطروحة حاليا. وأشار الى انه تم الاتفاق على بحث القضايا جميعا بالتفصيل، ومن ضمنها مفهوم الشراكة، وذلك في اطار لجنة المتابعة التي ستحدد آلية الحوار للمرحلة المقبلة. ولفت الى ان الجميع اكد ان الحوار يجب ان يستمر في الداخل والتوصل الى نتائج او بلورة اتفاق قبل نقل الحوار الى العاصمة المصرية القاهرة، مشيرا الى ان الجبهة وفصائل اخرى تعتبر ان "وثيقة آب" التي تم التوصل اليها عام 2002، و "وثيقة اذار" التي تم التوصل اليها في رام الله العام الجاري تشكلان اساسا صالحا للحوار والاتفاق على برنامج سياسي وطني. يشار الى ان اللقاء يأتي بعد ايام قليلة على اعلان ما سُمي ب"المبادرة المصرية" التي تنص على عقد "اجتماعات بين الرئيس ياسر عرفات ومن يمثله وبين ممثلي قادة الفصائل الفلسطينية على اختلافها وتعددها، وفي حال توصل عرفات وممثلو الفصائل الى اتفاق ستستضيف القاهرة ممثلي هذه القوى والفصائل لتصوغ اتفاقا من شأنه ان يضع نهاية للعنف غير الشرعي".