كثفت القيادة الفلسطينية مشاوراتها في مسعى الى تفادي اندلاع موجة من العنف في الاراضي المحتلة في حال وفاة الرئيس ياسر عرفات الذي ما زال يتأرجح بين الحياة والموت على سريره في مستشفى قرب باريس. وعقد رئيس الحكومة احمد قريع ابو علاء سلسلة من الاجتماعات مع الفصائل الفلسطينية والاجهزة الامنية، كما اجتمع ظهر امس في رام الله بمجلس الامن الوطني للبحث في التدابير التي يتعين اتخاذها في حال غياب الرئيس، واقر خطة امنية لاعادة النظام في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي ختام الاجتماع، اعلن الوزير المكلف المفاوضات مع اسرائيل صائب عريقات التوصل الى خطة امنية تنفذ فورا وتشمل نشر قوات اضافية. واضاف ان "رئيس الوزراء اطلع المجلس على محادثاته مع الفصائل في غزة وعلى كل التدابير التي علينا اتخاذها لاعادة النظام والقانون"، موضحا: "لقد اتخذ قرار يقضي بدعم المجلس تطبيق هذه الخطة لضمان النظام والقانون في الضفة الغربية وقطاع غزة وانهاء حال الفوضى". وكان قريع عقد لقاء منفردا مع قياديي "حركة المقاومة الاسلامية" حماس اسماعيل هنية وسعيد صيام والناطق باسمها سامي ابو زهري في مدينة غزة عند منتصف ليل السبت - الأحد. وجاء اللقاء بناء على رغبة قريع، وفي اعقاب اللقاء الموسع الذي عقده عصر أول من امس مع لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية التي تضم 13 فصيلا، ومع عدد من قادة الاجهزة الامنية. وعقب اللقاء، اعلنت "حماس" أنها لم تتفق مع قريع على آليات وسبل مشاركة الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية في قيادة وطنية موحدة. وأشار الناطق باسم "حماس" مشير المصري الى أن الحركة تقدمت الى قريع بطلب "تشكيل قيادة وطنية موحدة أو ايجاد صيغة جماعية موقتة"، لافتاً الى أن هذه المطالب "لاقت آذاناً صاغية". وكانت الفصائل جميعا توافقت على طلب تشكيل قيادة وطنية موحدة كصيغة جديدة تضمن مشاركة فصائل المعارضة لاتفاقات اوسلو في صنع القرار السياسي الفلسطيني. ولفت المصري الى ان اتفاقا مع قريع على سبل المشاركة السياسية لم يحصل بعد. ومن السيناريوهات المطروحة تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، الا ان "حماس" وحركة الجهاد الاسلامي والجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" ترفضان المشاركة في أي حكومة تحت سقف اتفاق أوسلو. وقال مصدر مطلع على ما جرى في اللقاء ل"الحياة" ان ابو علاء بحث مع قياديي "حماس" مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وكذلك القيادة الوطنية الموحدة، فضلا عن قضايا اخرى، من بينها خطة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون للانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة واربع مستوطنات شمال الضفة الغربية. وأشار المصدر الى ان ابو علاء أبدى موافقته على المشاركة السياسية للفصائل المختلفة، بما فيها "حماس" وانهاء حال التفرد في صنع القرار السياسي الفلسطيني وادارة مؤسسات السلطة الفلسطينية، واجراء الاصلاحات الضرورية واللازمة، وسبل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني. كما اتفق الطرفان على اجراء مزيد من اللقاءات للبحث في القضايا المختلفة في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ القضية الفلسطينية. الى ذلك، عقدت اللجنة المركزية لحركة "فتح" اجتماعا لها في مقر المقاطعة في مدينة رام الله، استمعت خلاله الى تقرير قدمه أبو علاء عن لقاءاته في مدينة غزة اول من امس. كما استمعت الى تقرير عن آخر تطورات الأوضاع الصحية للرئيس. وبحثت اللجنة سبل وضع خطة تفصيلية لتنفيذ خطة امنية تقدمت بها لجنة المتابعة في أذار مارس الماضي بالتعاون مع الاجهزة الامنية. وقررت مواصلة الحوار مع الفصائل المختلفة وصولا الى تحقيق برنامج وحدوي يحقق أعلى درجات الالتزام القائم على المشاركة والحفاظ على الشرعية والمؤسسات الوطنية والتزام القانون الأساسي الدستور الموقت وما ينبثق عنه من ممارسات ديموقراطية من خلال الانتخابات العامة والحرص على مصلحة الوطن والمواطن. وناقش المجتمعون اوضاع الحركة الداخلية، خصوصا في ضوء غياب الرئيس عرفات. وكان متوقعاً ان يجري محمود عباس وقريع مساء امس مناقشات مع قادة الحركات المسلحة، خصوصا مع "الشعبية" و"الديموقراطية". كما كان متوقعا وصول "الرجل القوي" في قطاع غزة محمد دحلان، وزير الامن الداخلي سابقا، الى رام الله امس او صباح اليوم قادما من باريس وحاملا رسالة من السيدة سهى عرفات عن حال الرئيس عرفات. وافاد مقربون من قريع انه كان مقررا ان يلتقي في رام الله المبعوث الخاص للامم المتحدة في الشرق الاوسط تيري رود لارسن.