رأى مراقبون في إسرائيل أن الجدول الزمني الذي وضعه مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أول من أمس للانسحاب من المستوطنات في قطاع غزة ومنطقة جنين 35 مستوطنة وحدد نهاية أيلول سبتمبر 2005 موعداً لاتمام اخلاء المستوطنات واجلاء المستوطنين، سيسرّع انسحاب نواب حزب المتدينين القوميين مفدال الأربعة من الائتلاف الحكومي ليلحقوا بقطبي الحزب ايفي ايتام واسحاق ليفي، لكنه سيعجل في الوقت ذاته انضمام حزب "العمل" المعارض برئاسة شمعون بيريز إلى حكومة "وحدة وطنية" تتمتع بغالبية برلمانية مطلقة. ولم يستبعد معلقون في الشؤون الحزبية حصول هذا التغيير الحكومي في غضون أقل من شهرين، خصوصاً بعد ترحيب أركان العمل واليسار الصهيوني بالجدول الزمني للانسحاب. ووفقاً للتفاصيل التي أوردتها صحيفة "هآرتس"، فإن الورقة تقضي بأنه ابتداء من أمس، يمكن للمستوطنين التقدم بطلبات للحصول على تعويضات لقاء الاخلاء، وأنه سيتم التوجه اليهم في آب اغسطس المقبل لاخلاء مستوطناتهم طوعاً على أن تشرع الجهات المختصة في تشرين الثاني نوفمبر من هذا العام في مفاوضات مع المستوطنين الرافضين الاخلاء، وسيطلب منهم مغادرة المستوطنات في مهلة أقصاها 14 آب اغسطس 2005 عندما سيُعلن قطاع غزة منطقة عسكرية مغلقة تمهيداً لاخلاء الرافضين بالقوة وللحيلولة دون قدوم مستوطنين من مناطق أخرى للتضامن معهم واحباط عملية الاخلاء. وحددت الورقة تاريخ 15 أيلول موعداً لاتمام اجلاء المستوطنين على أن يُنهى الوجود العسكري في المستوطنات التي سيتم اخلاؤها وهدمها في 30 من الشهر ذاته. وقالت الصحيفة إن "لجنة التوجيه" التي يرأسها الجنرال غيورا ايلاند توجهت إلى وزارة الداخلية بطلب اسماء جميع المستوطنين في المستوطنات المرشحة للاخلاء، وانها اوعزت إلى وزارة التجارة والصناعة صوغ اجراءات نقل المصانع الإسرائيلية من منطقة ايرز إلى مناطق جديدة جنوب إسرائيل. كما طلبت من وزارة الخارجية بدء الاتصالات مع هيئات دولية مثل هيئة الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي في شأن دورها في تطبيق خطة "فك الارتباط" على أن تقوم وزارة العدل بالتنسيق مع الجيش بإعداد مشاريع القوانين المتعلقة بالتنفيذ. ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصادر عسكرية توقعها بأن يكلف الاخلاء خزينة الدولة العبرية نحو بليون دولار تشمل تعويضات مالية وتكلفة إقامة تجمعات سكنية بديلة للمستوطنين ومصروفات عسكرية. ولمحت أوساط قريبة من اللجنة الى احتمال دفع تعويضات مقلصة لمستوطنين يرفضون الاخلاء طواعية في مقابل منح سلفة مالية لكل عائلة تعلن رغبتها في المغادرة قد تصل الى 30 ألف دولار وان النية تتجه الى اقناع 80 في المئة من المستوطنين بالاخلاء الطوعي. ونقلت الاذاعة العبرية الرسمية عن رئيس الحكومة ارييل شارون انه لم يقر ورقة العمل المذكورة لكنه طلب من الوزارات المعنية تسريع وتيرة الاجراءات المطلوبة لتطبيق الجوانب المختلفة لخطة فك الارتباط. وثارت ثائرة اقطاب اليمين المتطرف الذين اتهموا شارون ب"تضليل وزرائه والاستخفاف بهم" واعلن رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "مفدال" نيسان سلوميانسكي انه ورفاقه الثلاثة سيغادرون الائتلاف في حال بدأ اخلاء المستوطنات في آب المقبل. وقال وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي ليكود ان شارون يدوس على حزبه وحكومته وقراراتهما بشكل مناف للديموقراطية. واضاف انه لا يستبعد ان يكون شارون نسق مع اقطاب حزب "العمل" كل ما حصل في الفترة الاخيرة من طرد حزب "الاتحاد القومي" من الائتلاف الحكومي وحشر "مفدال" في الزاوية ليرغمه على الانسحاب من الحكومة "لخلق وضع يقنع فيه اعضاء ليكود بوجوب ادخال العمل الى الحكومة". وفيما اعلن الوزير عوزي لنداو ليكود انه يواصل مساعيه لاقامة "جسم مانع" للحيلولة دون انضمام "العمل" ووسط انباء عن تحرك نواب من الاحزاب الدينية المختلفة للغرض ذاته صرح وزير الامن الداخلي تساحي هنغبي احد ابرز المعارضين لخط "فك الارتباط" بأنه لا يعارض دخول "العمل" لان "غير ذلك سيشل الحكومة ويزعزع الدولة" متوقعاً ان تهدأ العاصفة بل "الهزة الارضية" التي احدثها اقرار الحكومة خطة الانفصال بعد حين، ومضيفاً ان الشراكة الحكومية مع "العمل" أفضل من الذهاب الى انتخابات مبكرة. وفي الجانب الآخر من الخريطة الحزبية، تراجع زعيم "العمل" السابق عمرام متسناع عن معارضته دخول حزبه الى حكومة "وحدة وطنية" مبرراً ذلك بأن قرار الحكومة المتعلق بخطة "فك الارتباط" ينطوي على اهمية بالغة لكنه استدرك قائلاً انه ينبغي اشتراط انضمام "العمل" الى الحكومة بوضع جدول زمني لتنفيذ الخطة وتنسيق الانسحاب مع الفلسطينيين "على رغم ان تنسيقاً كهذا لا يعني حتمية التفاوض معهم".