كشفت القاهرة تفاصيل مبادرة الرئيس حسني مبارك للتعاطي مع الوضع في قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي منه، مشيرة الى ان الفلسطينيين والاسرائيليين وافقوا على المبادرة التي تشمل وقف العنف واستئناف المفاوضات. وأفادت مصادر مصرية ان رئيس الوزراء ارييل شارون أبدى الاستعداد للقاء نظيره الفلسطيني أحمد قريع ووقف الاغتيالات والقصف في مقابل وقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين، فيما أعلن وزير دفاعه شاؤول موفاز الموافقة على الانسحاب الكامل من قطاع غزة، بما في ذلك شريط "فيلادلفي" الحدودي. ومن المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم الخميس إلى القاهرة لاجراء محادثات مع مبارك تتناول خطة الانسحاب. راجع ص6 و7 ويأتي إعلان المبادرة في وقت يتعمق فيه مأزق شارون الداخلي بعد فشله في تأمين غالبية لتمرير "خطة الفصل" داخل "ليكود" ثم داخل حكومته، وأخيراً داخل الكنيست حيث تراجع مساء أمس عن القاء بيان سياسي كانت المعارضة طالبته به لمناقشة "خطة الفصل"، علماً أن النقاش سيكون بمثابة تصويت على الخطة. وأفادت مصادر اسرائيلية ان تراجع شارون سببه خوفه من عدم الحصول على غالبية يهودية للخطة، ورفضه الحصول على غالبية بأصوات النواب العرب. ورأى مسؤولون ان هذه الاجواء التي يفاقمها فشل الوساطة بين شارون ووزير المال بنيامين نتانياهو، تنذر بانهيار الائتلاف الحاكم وتقديم موعد الانتخابات العامة. وعلى مسار آخر، بدا أمس ان ثمة انفراجاً في موضوع الأسرى الأردنيين في اسرائيل، إذ أبلغت مصادر أردنية مطلعة "الحياة" أن "وفداً من وزارة الخارجية سيتوجه إلى تل أبيب في غضون الأيام القليلة المقبلة من أجل البحث في ترتيبات اطلاق 28 معتقلاً... بينهم الأسرى الأربعة" الذين نفذوا عمليات مسلحة ضد اسرائيل قبل إبرام معاهدة السلام عام 1994، وهم سلطان العجلوني وأمين الصانع وخالد أبو غليون وسالم أبو غليون، وهؤلاء كانوا العقبة الرئيسية أمام نجاح مساعي اطلاق المعتقلين. وفي تفاصيل مبادرة مبارك التي كشفها رئيس "وكالة أنباء الشرق الاوسط" محفوظ الانصاري، فإن مصر سترعى في الأيام المقبلة تحركات ل"تهيئة الأجواء لانسحاب حقيقي من غزة والبدء بتطبيق خريطة الطريق بالعودة الى المفاوضات". ومن هذه التحركات، لقاء بين الرئيس ياسر عرفات والقوى الفلسطينية للاتفاق على وقف العنف، يتبعه لقاء تستضيفه القاهرة لهذه القوى لاستكمال صوغ هذا الاتفاق، يتوج بلقاء بين شارون وقريع. وأفاد الأنصاري ان مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان عرض على عرفات تدريب الأجهزة الأمنية، فيما طلب منه الرئيس الفلسطيني مهلة لمشاورة القوى في شأن الخطة وضمان التزام اسرائيل بوقف العدوان. ونقل سليمان لشارون موافقة عرفات، وشرح له طبيعة الدور الأمني المصري في تأهيل الامن الفلسطيني، كما نقل اليه اصرار مبارك على أن يكون الانسحاب من غزة كاملاً، وبداية لانسحاب من كامل التراب المحتل عام 1967 وتنفيذ "خريطة الطريق"، وان يكون هناك التزام بالجلوس الى طاولة المفاوضات. وذكر الأنصاري في تقريره أن "شارون وافق على الخطة المصرية للتحرك، لكنه في الوقت نفسه أبدى اهتماماً أكبر بموضوع ضمان عدم حدوث عمليات عنف من جانب الفلسطينيين ضد المدنيين، إلا أنه عاد وأكد موافقته على الخطة وعلى وقف أعمال العنف والقصف والاغتيال طالما ظل الجانب الفلسطيني ملتزماً". وذهب شارون أبعد في حديثه إلى سليمان ليدلل على حسن النيات، فقال: "إنني مستعد الآن للقاء رئيس الوزراء الفلسطيني على هذه الأسس والأفكار".