انتهت الأزمة الجورجية سلماً بعد مساع ديبلوماسية روسية اقنعت زعيم منطقة أدجاريا الانفصالي أصلان أباشيدزه بمغادرة البلاد حقناً للدماء، ليعلن رئيس البلاد ميخائيل ساكاشفيلي بدء إعادة ضم المناطق الانفصالية، في ثاني انجاز له خلال ستة أشهر بعد اطاحته الرئيس ادوارد شيفاردنادزه. ودخل ساكاشفيلي باتومي العاصمة الإقليمية لأدجاريا دخول الفاتحين امس. واستقبلته الجموع بالتهليل والترحاب، في حين غادر أباشيدزه المنطقة التي كان سكانها يدينون له بالولاء، سراً، على متن طائرة بصحبة مبعوث الكرملين إيغور إيفانوف رئيس مجلس الأمن القومي الروسي. وانتهت بذلك مواجهة دارت بين الرجلين بدأت فور تولي الرئيس الشاب المتدرب في اميركا مقاليد الحكم في تبيليسي. ونقلت وكالة انباء "ايتار تاس" عن "ممثليتها" في "جمهورية ادجاريا" ان أباشيدزه لم يطلب اللجوء السياسي إلى روسيا. ووصل اباشيدزه الى موسكو مع ابنه غوركي ووزير امن الدولة الادجاري السابق يوسف غوكيتزي وبعض معاونيه المقربين. ولا يعرف كم من الوقت سيبقى في موسكو وما اذا كان سيغادر الى بلد آخر، علماً انه اقام علاقات جيدة مع الكرملين خلال ادارته شؤون "جمهوريته" الانفصالية التي اعلنها في عهد الرئيس السابق شيفاردنادزه. وقال السفير الجورجي في روسيا قسطنطين كيمولاريا ان اباشيدزه الذي ضمن ساكاشفيلي حصانته "ليس مهدداً ويمكنه ان يكتب مذكراته بهدوء في تبيليسي او في موسكو اذا رغب في ذلك، مثلما حصل مع شيفاردنازه". وتعد اطاحة الزعيم الانفصالي الذي حكم الإقليم المطل على البحر الأسود طيلة 14 عاماً، الخطوة الأولى التي يتخذها ساكاشفيلي نحو الوفاء بتعهده استعادة الحكم المركزي كل أجزاء الجمهورية السوفياتية السابقة حيث تقوم اكثر من محاولة انفصال. ولا تزال كل من منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تشكلان تحدياً كبيراً لساكاشفيلي المحامي الذي تدرب في الولاياتالمتحدة البالغ من العمر 37 عاماً وانتخب رئيساً في كانون الثاني يناير الماضي، بعد قيادته ثورة بيضاء اطاحت شيفردنادزه. وخاطب ساكاشفيلي الجماهير من مقر إقامة اباشيدزه السابق: "أود أن أقول شكراً لكل واحد منكم. شكراً على شجاعتكم. شكراً على كل شيء فعلتموه". نموذج لصدام حسين؟ واضاف ساكاشفيلي إن اباشيدزه البالغ من العمر 65 عاماً كان "نموذجاً مصغراً لصدام حسين. لكن الناس خرجوا ودمروه وتلك هي قوة الديموقراطية". وأعلن رئيس وزراء جورجيا زوراب جفانيا عن تنظيم انتخابات محلية جديدة قريباً. وقال انه سيتم تعيين مسؤولين للفترة الانتقالية للتمهيد لانتخابات المجلس الأعلى للجمهورية المتمتعة بحكم ذاتي والهيئات التمثيلية الأخرى. وأضاف انه لن يتم المساس بالوضع السياسي للمنطقة، وسيتم إصدار قانون دستوري خاص لتوضيح الوضع الخاص لها. وكما فعل شيفردنادزه في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، رفض اباشيدزه بداية المطالب التي وجهت اليه بتقديم استقالته. ووضع قواته في حالة تأهب، ما تسبب في اقتراب الوضع من وقوع مواجهة مسلحة. وناشد رئيس وزراء جورجيا زوراب جفانيا السكان من خلال شاشات التلفزيون التزام الهدوء وحضهم على تسليم أسلحتهم في غضون أسبوع. دور روسي ايجابي ونقلت وكالة انباء "ريا نوفوستي" عن وزيرة الخارجية الجورجية سالومي زورابيشفيلي إشادتها بالدور الكبير الذي لعبته روسيا لحل الأزمة سلمياً. وجاء ذلك على رغم توتر العلاقات بين روسياوجورجيا بعد اتهام موسكو لتبيليسي بالتغاضي عن انتشار انفصاليين شيشان في منطقة ممر بانكيسي. وفرضت روسيا تأشيرات دخول على سكان جورجيا عدا منطقتي أبخازيا واوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين. وهو ما اعتبرته تبيليسي تأييداً للمنطقتين الانفصاليتين. واندرجت قضية ادجاريا في الاطار نفسه من خلال الدعم المبطن الذي قدمته موسكو لاباشيدزه الذي كان يطمح لاستقلال الجمهورية المتمتعة بالحكم الذاتي. بدوره، رحب ريتشارد باوتشر الناطق باسم الخارجية الاميركية برحيل أباشيدزه ووصف ذلك بأنه "يوم تاريخي سيدعم الحكم الديموقراطي" في البلاد. وقال بيان الخارجية الاميركية: "نعتبر ذلك خطوة مهمة على طريق استعادة حكم القانون والحكم الديموقراطي في أدجاريا. هذا يوم تاريخي لشعب جورجيا بالكامل".