أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه أمس، من استقالة الرئيس الجورجي إدوارد شيفاردنادزه تحت تهديد معارضيه وضغوطهم، معترفاً في الوقت نفسه بارتكاب الأخير سلسلة أخطاء. وطالب الحكام الجدد في الجمهورية السوفياتية السابقة بالمحافظة على العلاقات القوية بين تبيليسي وموسكو. وبث التلفزيون الروسي لقطات لبوتين وهو يبرر قلقه خلال اجتماع وزاري أمس، "لأن انتقال السلطة في جورجيا تم تحت الضغط وتهديد باستخدام القوة. ومن ينظمون ويشجعون مثل تلك التصرفات عليهم تحمل المسؤولية أمام شعبهم". وانتقد شيفاردنادزه لاتباعه سياسة خارجية بعيدة من "الروابط الثقافية والتاريخية العميقة للشعب الجورجي ومن دون العودة إلى الواقع الجغرافي والسياسي" في البلاد، مشيراً إلى أخطاء متكررة ارتكبها الرئيس السابق سياسياً واقتصادياً. لكنه رأى أن شيفاردنادزه "لم يكن مستبداً أبداً". وجاء ذلك بعد إعلان الولاياتالمتحدة تأييدها للحكم الانتقالي الجديد في جورجيا، وترحيبها بالدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. ووجهت واشنطن في الوقت نفسه، التحية إلى شيفاردنادزه على "الاتجاه السلمي الذي اختاره بالتنحي عن منصبه وعلى ما أداه من خدمات لبلاده". وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر في بيان إن "شعب جورجيا استجاب لنداء التحرك إلى مرحلة سياسية جديدة في البلاد". وأشار إلى أن واشنطن "تتطلع" إلى العمل مع زعيمة المعارضة نينو بوردجانادزه التي تولت مهمات الرئاسة بصفة موقتة تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة في غضون 45 يوماً، مشيداً بسعي الأخيرة إلى الحفاظ على الديموقراطية في بلادها. كما أبدى منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ترحيبه بتنحي شيفاردنادزه والدعوة إلى إجراء انتخابات. وقال بعد اتصال هاتفي مع شيفاردنادزه إن الرئيس الجورجي السابق "توصل إلى قرار يتصف بالذكاء البالغ"، ووصفه بأنه "رجل في غاية الاحترام". كذلك أثنت الحكومة الألمانية على الرئيس المستقيل، مشيرة إلى أن قراره أدى إلى حقن الدماء في جورجيا. وأبدت برلين استعدادها لاستضافة شيفاردنادزه، ما عزز تكهنات عن احتمال توجهه إلى منتجع بادن بادن حيث خصص قصر لاستضافته. لكن مصادر الرئيس المستقيل قالت إنه متمسك بالبقاء في بلاده ولا يعتزم مغادرتها. وكانت تقارير نقلت عن مصادر ألمانية أنه وصل إلى بادن بادن، لكن أسرته أكدت أنه موجود في منزله في تبيليسي. رهان على أميركا إلى ذلك، حض الحكام الجدد في جورجياالولاياتالمتحدة على تقديم مساعدات مالية عاجلة ودعوا إلى إحلال النظام والاستقرار. وقال اقتصادي بارز مقرب من الرئيسة الموقتة إن جورجيا تعتزم مطالبة واشنطن التي "ساندت إطاحة شيفاردنادزه بخمسة ملايين دولار لتمويل إجراء انتخابات جديدة بعد الانتخابات البرلمانية المشكوك في صحتها والتي أدت إلى تظاهرات انتهت بسقوط النظام السابق. ولا يستبعد ألا تترشح بوردجانادزه إلى الرئاسة، بعدما قالت مساء أول من أمس، إن "تولي هذه المهمة في جورجيا التي تعاني من مشكلات جدية ليست فكرة جيدة"، فيما ظهرت مؤشرات إلى استعداد زعيمين آخرين للمعارضة هما ميخائيل ساكاشفيلي وزوراب جفانيا لخوض معركة الرئاسة. تحركات انفصالية وفي غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف من مخاطر تفتت جورجيا، وذلك خلال توقف قصير في مقاطعة أدجاريا التي تتمتع بالحكم الذاتي غرب جورجيا. وجاء ذلك في وقت أعلن رئيس المقاطعة أصلان آباشيدزه حال طوارئ وعلق الرحلات الجوية من تبيليسي وإليها، مندداً ب"عداء" السلطة الجديدة في جورجيا لمنطقته. ونقل التلفزيون الجورجي عن إيفانوف قوله بعد وصوله إلى باتومي، عاصمة أدجاريا: "لا بد من إجراء حوار على الأرض حول الدستور والشرعية واحترام السيادة. وكل مقاربة أخرى قد تؤدي إلى انفجار الوضع". وكان أصلان آباشيدزه وهو مدافع قوي عن الحكم الذاتي لأدجاريا، انحاز الأسبوع الماضي إلى شيفاردنادزه ضد المعارضة. كذلك تحركت السلطات في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وهما منطقتان جورجيتان تتمتعان بحكم ذاتي كأمر واقع بعد حملهما السلاح ضد تبيليسي. وقال "رئيس الوزراء" الأبخازي راوول خدجينبا إن "أبخازيا دولة مستقلة ووضعها لن يكون موضع نقاش بغض النظر عن هوية الحكام في جورجيا". كذلك أعلن "رئيس" أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي أن منطقته تنوي الانضمام إلى الاتحاد الروسي وليس لهذا الأمر "أي علاقة بتغيير السلطة في تبيليسي".