بعد عام على بدء الحرب في العراق، يبدو هذا البلد حقل ألغام للصحافيين الذين يواجهون خطر العنف والخطف، وكذلك حقل اختبار يعايشون فيه يوميا ما تفرضه تغطية النزاعات المسلحة من قيود وضغوط. ويسبب غياب الاستقرار سقوط ضحايا بين الصحافيين كان آخرهم مراسل لقناة "العراقية" التي تمولها سلطة الائتلاف، الذي قتل مع سائقه في 19 نيسان ابريل الماضي برصاص جنود اميركيين قرب سامراء شمال بغداد. وقتل صحافيان عراقيان آخرن يعملان لقناة "العربية" الفضائية لها برصاص جنود اميركيين ايضا. وخطفت مجموعات مسلحة صحافيا فرنسيا وثلاثة تشيكيين ويابانيا ثم افرجت عنهم في ذروة موجة خطف الصحافيين التي رافقت معركة الفلوجة التي شنها مشاة البحرية الاميركية في الخامس من نيسان ابريل الجاري. وشهد العام 2003، مقتل اكبر عدد من الصحافيين في العراق حيث قتل 15 منهم في الحرب وتبعات النزاع حسبما ذكرت منظمات الدفع عن حرية الصحافة. لكن عراق ما بعد صدام حسين الذي كان احد اكثر البلدان غموضا وانغلاقا واقل احتراما لحرية الصحافة، لا يقتصر على المخاطر التي يواجهها الصحافيون. فبعد فترة اتسمت بغياب التنظيم والقوانين غيابا كاملا، بدأ تنظيم هذا القطاع يرى النور. وقال الصحافي جاسم محمد محسن "في ظل الاحتلال بدأت الضغوط تظهر، لتضاف الى تلك الناجمة عن الفوضى التي تأتي من مجموعات الضغط العديدة". واضاف ان "الأمل كان كبيرا بعد سقوط النظام لأن كل واحد بدأ يدرك مدى تعقيد الوضع". وأدان صحافيون عراقيون آخرون غياب الاحتراف لجيل جديد كامل من الصحافيين الذين ظهروا بعد سقوط نظام صدام حسين ويعملون لنشرات جديدة وكثيرة او لوسائل اعلام عربية او غربية. وأدان نزار صافي "مستوى بعض النشرات التي تختلق المعلومات وتقدمها للقراء بدون التحقق منها" في اشارة الى عدد كبير من الصحف الشعبية التي تنشر انباء مشوقة وانباء تقول انها سبق، ثم يتبين انها خاطئة. ولا تخفي سلطة الائتلاف استياءها من تغطية بعض وسائل الاعلام المحلية والعربية وخصوصا القنوات الفضائية العربية المتهمة بتأجيج المشاعر المعادية للاميركيين، وقررت اقامة هيئة تهتم بتنظيم الصحافة. وتتمتع هذه الهيئة التي اطلق عليها اسم "سلطة تنظيم وسائل الاعلام" ويرأسها صحافي محترف هو الكردي سيامند زيد عثمان، بنظام داخلي مستقل وهي مكلفة اعداد قانون جديد للصحافة والاتصال. وقال بيان سلطة الائتلاف الذي اعلن تشكيل هذه الهيئة ان عليها "الدفاع عن حرية الصحافة والعمل بتعاون وثيق مع اتحاد الصحافيين العراقيين ووسائل الاعلام او اي مؤسسات أخرى لوضع معايير اخلاقية ومهنية". ويفترض ان تمنح هذه الهيئة تصاريح العمل لمحطات التلفزيون وتحدد القواعد الاخلاقية للصحافة السمعية البصرية والمكتوبة التي بعد ان بلغ عددها 270 صحيفة، تراجعت الى 150، بينما هناك خمسون اذاعة في العراق اليوم.