أعلن رئيس الوزراء البريطاني أمس انه يتفق مع الرئيس بوش على ضرورة ان تبقى القوات الاجنبية في العراق بقيادة اميركا، في الوقت الذي يجب فيه تسليم السلطة في شكل كامل للعراقيين. وقال بلير أمام البرلمان: "نتفق تماماً على انه يجب نقل كامل السيادة الى الشعب العراقي، وان تبقى القوات المتعددة الجنسية تحت القيادة الاميركية". وزاد انه اذا كان من صلاحية الحكومة العراقية اتخاذ القرارات الاستراتيجية النهائية بعد 30 حزيران/ يونيو فإن "إدارة" العمليات العسكرية والأمنية ستبقى منوطة بالتحالف. وتابع: "القرارات النهائية في المجال الاستراتيجي أو السياسي ستكون من اختصاص الحكومة العراقية الجديدة بعد 30 حزيران، ولكن بعد اتخاذ هذه القرارات ستكون ادارة أي عملية من صلاحية القوة المتعددة الجنسية وقادتها". ولفت الى انه "لا يجوز ألا تتمكن القوات الاميركية والبريطانية من الدفاع عن نفسها، وان ترى حياة جنودها في خطر أو تنتقل الى قيادة اخرى غير اميركية أو بريطانية". ونفت لندن أمس معلومات عن وجود انقسام في "التحالف" الانغلو - أميركي على حجم السلطة التي ستتمتع بها حكومة عراقية موقتة على قوات الاحتلال. وكان بلير اكد الثلثاء ان العراقيين ستكون لهم السيطرة النهائية على القوات الاجنبية، لكن وزير الخارجية الاميركي كولن باول رد قائلاً ان القوات الاميركية ستظل خاضعة للقيادة الاميركية، وستتخذ الخطوات اللازمة لحماية نفسها. وبعد تصدر الصحف البريطانية عناوين عن بوادر انقسام بين لندنوواشنطن اللتين نادراً ما اختلفتا علنا على أي قضية متعلقة بالعراق، منذ شن الحرب العام الماضي، قال نائب رئيس الوزراء البريطاني جون بريسكوت ان كل تلك التقارير "هراء". وشدد على ان بيانات لندنوواشنطن تنحصر في عنصرين لا خلاف عليهما، هما ان "للعراقيين السيطرة على القوات الاجنبية بعد 30 حزيران، الا عندما تكون هذه القوات معرضة لهجمات". ورأى ان "الحكومة العراقية ستتخذ كل القرارات اللازمة في ما يتعلق بالأمن والسياسات التي ستتبع في شأن الارهاب، وعندما تكون هناك مسألة متعلقة بمبادرة لا بد من اتخاذها لمكافحة الارهاب، سيتعلق ذلك بسيادة الحكومة العراقية". واستدرك: "في ظل ظروف تشهد هجمات ارهابية اخرى على قوة عسكرية سواء كانت اميركية أو بريطانية، يتوقع ان تدافع هذه القوة عن نفسها". لكن هذه العبارة الأخيرة لا ترقى كما يبدو الى موقف واشنطن الأكثر شمولاً، اذ أعلن باول ان الولاياتالمتحدة وحدها هي التي "ستأخذ في اعتبارها" رأي العراقيين على المستويين السياسي والعسكري، "ولكن، في النهاية اذا تعلق الأمر بحماية القوات المسلحة التابعة للولايات المتحدة لنفسها، أو أدائها مهمتها بطريقة قد لا تتوافق في شكل تام مع قد تريده الحكومة العراقية الموقتة في وقت معين، ستظل القوات الأميركية خاضعة للقيادة الاميركية، وستتخذ ما يلزم للدفاع عن نفسها". وتعتبر قضية السيطرة على القوات حيوية لإقناع العراقيين والمتشككين من الأطراف الدولية مثل فرنسا وروسيا، بأن لندنوواشنطن جديتان في ما يتعلق بإعادة السلطة الى العراق. كما ان القضية متعلقة بمسألة محظورة لدى الأميركيين، هي سيطرة جهة اجنبية على قواتهم. وعلى رغم نفي بريسكوت القاطع وجود أي انقسام، أقر بأن "التفسيرات" و"المفاوضات" المتعلقة بالسيطرة على القوات، ما زالت تتفاعل في اطار قرار مقترح امام مجلس الأمن للتصديق على الحكومة العراقية الموقتة. وذكر ان بلير "أصدر حكماً سليماً. انه قائد قواتنا، وهو يصدر الأحكام المتعلقة بهذه المسألة بالنيابة عنا، ويفعل ذلك في صورة ملائمة جداً. اعتقد بأن من رأيه ان تأويل وسائل الاعلام لهذه القضية والتركيز على الخلاف، هما هراء". ويتيح مشروع القرار الذي طرحته واشنطنولندن أمام مجلس الأمن، للقوات التي تقودها الولاياتالمتحدة "اتخاذ كل الاجراءات" للحفاظ على النظام، ولا يتضمن أي بند يتعلق بحق الاعتراض العراقي. لكن مسؤولين بريطانيين يشيرون الى ان خطابات متبادلة مع الحكومة الموقتة ستكون متضمنة حق الاعتراض، وسيتفق على هذه المسألة قبل اجراء تصويت في مجلس الأمن. وتكهن محللون باحتمال ان يكون موقف بريطانيا محاولة لطمأنة القوى الرئيسية الأخرى في العالم، بخاصة في أوروبا، في ما يتعلق بالعراق أو استجابة مطالبة بعض الأوساط في الداخل بأن ينأى بلير بنفسه عن الرئيس بوش. وكان تحالف بلير مع الرئيس الاميركي في قضية العراق، من العوامل التي ساهمت في تدني شعبيته، ومواجهته احتمال الهزيمة في الانتخابات المحلية والأوروبية المقررة في 30 حزيران. وعلى رغم تكهنات باحتمال استقالة بلير، قال بريسكوت ان الأخير سيرشح نفسه لولاية رابعة في الانتخابات المتوقعة العام المقبل. في واشنطن، اعرب باول عن ثقته بإمكان التوصل الى "ترتيبات" مع الحكومة العراقية المقبلة، في شأن التنسيق بين القوات الاجنبية والوطنية في العراق، بعد نقل السلطة. وقال خلال حفلة استقبال في وزارة الخارجية في وقت متقدم ليل الثلثاء "سنعمل على ترتيبات مع الحكومة الانتقالية عندما تُعلن، في شأن طريقة التعاون والتنسيق بين قواتنا والقوات العراقية". وأمل ب"حوار سياسي" بين الحكومة الانتقالية و"قادتنا العسكريين وسفيرنا جون نيغروبونتي الذي سيتسلم مهماته في 30 حزيران"، وبحوار عسكري بين القوات الاجنبية والعراقية، مشيراً الى "الحاجة الى بقاء قوة دولية لحماية الشعب العراقي، بينما تتشكل قواه الخاصة". وسئل عن "أكبر خطأ" ارتكب في العراق، فأجاب ان الأميركيين "ربما قللوا من أهمية المقاومة التي واجهناها بعد التحرير". وفي سياق الجدل حول القرار العسكري النهائي بعد نقل السلطة، اعترض مسؤول اميركي رفيع المستوى على قول بلير ان القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة ستحتاج الى موافقة عراقية قبل دخول مدينة مثل الفلوجة التي خاض فيها الاميركيون معارك طاحنة. وقال المسؤول: "الموافقة العراقية مهمة، لكننا نعرف كيف نفعل ذلك، ولا اعتقد بأن الافتراضات مفيدة". ورجح اتفاقاً بين واشنطنوالعراقيين على "آليات تشاور وتنسيق" في مسائل الأمن. وزاد: "سنحسم الأمر على الأرض، كلما ظهرت ظروف معينة. ونفعل ذلك كل يوم في البوسنة وافغانستان".