دعت فرنسا إلى ادخال "تحسينات" على مشروع القرار الأميركي - البريطاني لنقل السلطة إلى العراقيين، في حين اعتبرت روسيا أن المشروع يتطلب جهوداً ديبلوماسية لأنه "يطرح كثيراً من الأسئلة"، وأعربت الصين عن "مخاوف"، داعية إلى خفض ولاية القوة المتعددة الجنسية إلى تسعة شهور، و"تحسين لغة" المشروع. وكانت الجزائر العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، أشارت إلى "غموض" المشروع في سياق تحديد العلاقة بين تلك القوة المتعددة الجنسية والحكومة العراقية. واللافت أن صحيفة "ذي تايمز" البريطانية استبقت الموقف الفرنسي من مشروع القرار، لتحمل على "نزوات سياسيي الصالونات في باريس". أعلن وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه أمس أن مشروع القرار الأميركي - البريطاني في شأن العراق، يستدعي ادخال تحسينات عليه، كي يحظى بصدقية، ويضمن انتقالاً صادقاً للسيادة. وقال عقب محادثات أجراها مع المسؤول عن السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في باريس أمس إنه ينبغي "العمل على صدقية هذا القرار"، لافتاً إلى أن المشكلة الحقيقية بالنسبة إلى فرنسا هي أن يكون "انتقال السيادة صادقاً وواضحاً وكاملاً وغير مصطنع". وأضاف ان مشروع القرار الذي عرض أول من أمس على مجلس الأمن قابل للنقاش، ولم يطرح بهدف الموافقة عليه أو رفضه، "فهذه ليست ذهنية الأميركيين ولا البريطانيين". وتابع ان المشروع "ينبغي أن يناقش من أجل تحسينه في عدد من النقاط التي تمس تحديداً بالصدق والواقع والصدقية التي ينبغي أن يتسم بها نهج انتقال السيادة، وسنعمل على هذه النقاط". وأشار بارنييه إلى حرص فرنسا على لعب دور مجدٍ ل"الخروج من هذه المأساة والتعبير عن أفكارنا"، وليس لمجرد معارضة الولاياتالمتحدة وبريطانيا. إلى ذلك، اعتبرت مصادر فرنسية مطلعة أن العراق على موعد مع استحقاقين رئيسيين، أولهما 30 حزيران يونيو واستعادة السيادة التي "تتطلب تدابير لتوضيح كيفية العمل بين السلطات العراقية وقوات التحالف". وذكر ان الاستحقاق الثاني يتمثل بكانون الثاني يناير 2005، الموعد المرتقب للانتخابات وتشكيل حكومة شرعية تنبثق عن هذه الانتخابات، ولدى بلوغ هذه المرحلة "لا بد أن تعمل الحكومة العراقية لتحديد موقف من رحيل قوات التحالف أو بقائها". أسئلة في موسكو، أعلن مسؤول بارز في الخارجية الروسية أمس أن لدى بلاده "الكثير من الأسئلة" حول مشروع القرار الأميركي - البريطاني الخاص بالعراق، معتبراً أن من الضروري "العمل مجدداً" على هذا المشروع. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن المسؤول قوله إن "درس المشروع لا يزال في مرحلته الأولية، وهو يستدعي كثيراً من الأسئلة، ليس فقط بالنسبة إلى روسيا، بل أيضاً بالنسبة إلى أعضاء آخرين في مجلس الأمن". وأعلنت أنها تدرس المشروع وتؤيد اصدار قرار جديد يتبناه مجلس الأمن، وستواصل "المشاركة في مناقشات الأممالمتحدة بطريقة ايجابية وبناءة". وأعلن ناطق باسم الخارجية الصينية أن الوزير لي دجاو سينغ تداول في المشروع مع نظيريه الروسي والأميركي، وأبلغهما "آراء الصين ومخاوفها". ولم يحدد المشروع موعداً لمغادرة القوات الأميركية والبريطانية العراق، وأعطى تلك القوات سلطات واسعة للحفاظ على الأمن ومكافحة "الإرهاب". ودعا مندوب الصين السفير وابغ غوانغيا إلى خفض الفترة المقترحة في مشروع القرار إلى مدة أقصاها تسعة شهور بدلاً من 12 شهراً مقترحة لمراجعة ولاية القوة المتعددة الجنسية. أما وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر فأعلن أن مشروع القرار والخطاب الذي ألقاه الرئيس جورج بوش، بمثابة "خطوة على الطريق الصحيح". وقال للصحافيين: "هذا أساس جيد جداً، نهدف أن نحقق من خلاله توافقاً في الآراء، ومن الضروري المضي قدماً في تنفيذ القرار في مجلس الأمن. سننتظر التقرير والأفكار التي يقدمها الإبراهيمي، قبل أن نبدأ المراحل النهائية". وتمسك فيشر بالجدول الزمني لتسليم السلطة إلى حكومة عراقية موقتة في 30 حزيران. مندوب الجزائر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، السفير عبدالله بعلي، قال إن "هناك أموراً غامضة" في مشروع القرار لجهة العلاقة بين القوة المتعددة الجنسية وبين الحكومة العراقية "تتطلب التوضيح"، في شكل يضمن أن يكون للحكومة العراقية "الحق في الادلاء برأيها حول كيفية عمل القوة ومدة وجودها على التراب العراقي". وزاد: "هدفنا أن نتأكد من أن القرار يشكل قفزة نوعية، ويعطي السيادة الكاملة للشعب العراقي". وكتبت الصحف البريطانية أمس أن المشروع الأميركي - البريطاني لا يمكن أن يتوج بالنجاح من دون دعم دولي قوي. وأشارت صحيفة "ذي تايمز" إلى أن مشروع القرار "يعكس التصميم الأميركي على التزام التعهد بتشجيع العراقيين على تولي مصيرهم بأنفسهم، في أسرع وقت". وتابعت: "يبقى الأمل بأن تتبعه موافقة مجلس الأمن، وأن تحمل هذه الموافقة التزاماً من المجموعة الدولية بالمضي قدماً، وليس ذريعة لفك الارتباط". وفي لهجة انتقاد حاد للسياسة الفرنسية، ختمت الصحيفة ان "الجدول الزمني للانسحاب العسكري يجب أن يكون مرناً، وفقاً لتطور الوضع على الأرض، وليس لنزوات سياسيي الصالونات في باريس".