جاءت قناة "الشاشة" متأخرة الى سوق القنوات التلفزيونية المخصصة لتقديم الأفلام العربية. فقد سبقتها شبكتا "آي آر تي" وأوربت التي خصصت كل واحدة منها قناتين لهذه الأفلام. استحدثت "الشاشة" ضمن شبكة "شو تايم" التي تركز عادة على البرامج الأجنبية، والأرجح ان "الشاشة" جاءت لكي تسد نقصاً في تلبية اذواق المشاهدين، ولكن المشرفين على القناة كانوا يعرفون مسبقاً انهم يدخلون منافسة صعبة في ظل وجود قنوات مشابهة اقدم وأرسخ في ذاكرة مشاهدي التلفزيون، ولهذا فكروا في تغيير منطق المنافسة وميزان السباق المائل اصلاً لمثيلاتها، وتمثل ذلك في إحداث فارق نوعي في ما تعرضه من أفلام لكي تعدّل الفارق الزمني والكمي، فبعد بدايتها الواثقة بدأت "الشاشة" بعرض افلام ايرانية وتركية وتونسية ولبنانية، وكان آخر فيلم TEN لعباس كياروستامي حامل السعفة الذهب في مهرجان كان وسبق ذلك عرض فيلم "زمن الجياد المخمورة" و"باران" و"حريم سراي" و"صمت القصور". وفي برنامج القناة لشهر ايار مايو يبرز الفيلم اللبناني "لما حكيت مريم" للمخرج اسد فولادكار ومن بطولة الممثلة المتميزة برناديت حديب. ولا تكمن اهمية الفيلم في نيله جوائز عدة في مهرجانات الاسكندرية وقرطاج ومسقط، بل في نجاحه في صنع مادة سينمائية لا تعتمد على الحرب التي تشكل، بحضورها المباشر وتأثيراتها غير المباشرة، الموضوع المفضل لمعظم المخرجين اللبنانيين. والحال ان هذا الفيلم، مع ما سبقه من افلام جادة وجديدة من بلدان اخرى، يراكم تجربة خاصة ومميزة لمصلحة قناة "الشاشة" في مقابل القنوات المنافسة الأخرى، فشبكة "آي آر تي" لا تعرض سوى الأفلام المصرية، اما اوربت فتعرض افلاماً تونسية وسورية ومغربية الى جانب تلك المصرية وتقدم تجارب حوارية وتحقيقات سينمائية وهي، بهذا المعنى، تحاول ان تقدم قناة سينمائية متكاملة. اهمية ما تفعله "الشاشة" تنبع من إتاحة الفرصة لمشاهديها في رؤية افلام يجرى إهمالها عادة في القنوات المخصصة للأفلام الأجنبية التي غالباً ما تكون افلاماً اميركية حصراً، وفي الوقت نفسه لا تجد هذه الأفلام مكاناً في القنوات العربية كما هي الحال مع الفيلم الإيراني او التركي ولاحقاً من الضروري ان تفكر "الشاشة" في أفلام يابانية وصينية وافريقية... الخ. إنها، كما نلاحظ، سينمات غير رائجة في قنوات الأفلام ويمكن خيار قناة "الشاشة"، إذا توسع في المستقبل، ان يخلق اهتماماً سينمائياً مختلفاً لدى المشاهد العربي المحروم من هذه النوعية في صالات العرض المحلية التي تسود فيها الأفلام الأميركية الهوليوودية. الإشارة الأخيرة التي ينبغي ذكرها هي ان "الشاشة" تعرض الأفلام كما هي وتصر على إلغاء مقص الرقابة. ويشكل هذا احتراماً للفيلم وصانعيه واحتراماً لمشاهديه الذين تصلهم النسخة كاملة.