انعكس الارتفاع المتواصل لسعر النفط العالمي أزمة على جبهتين في لبنان: سعر صفيحة البنزين التي لامست ال26 الف ليرة 17 دولاراً، والتيار الكهربائي الذي تقننه مؤسسة الكهرباء توفيراً في استهلاك الفيول والمازوت. وبدّد وزير المال فؤاد السنيورة تكهنات اللبنانيين، الذين احترقت جيوبهم من اشتعال سعر صفيحة البنزين 25200 ليرة ما يعادل 5،16 دولار، امكان اقدام الحكومة على خفض جزء من الرسوم والضرائب التي تخضع لها وتشكل نسبة 55 الى 60 في المئة من سعرها. وأكد السنيورة ل"الحياة" ان "لا امكان لخفض الرسوم، لأن ذلك سيؤثر سلباً في ايرادات الخزينة". وشدد على ان "الحكومة ستعالج هذا الوضع. واجتماع ترأسه رئيس الحكومة رفيق الحريري في حضورالسنيورة ووزير الطاقة والمياه ايوب حميد وتقرر "رفع اقتراح الى مجلس الوزراء بتثبيت سعر الصفيحة على 25 الف ليرة لبنانية حداً اقصى، مهما ارتفعت اسعار النفط عالمياً، على ان تتحمل الحكومة اي زيادة". وهذا المستوى من سعر الصفيحة ولو ثُبّت، يشكل ازمة في ذاته لدى اللبنانيين، لأن انعكاسه لن يقتصر على فاتورة التزود بهذه المادة بل ينسحب على السلة الاستهلاكية، فيما دخل المواطن اللبناني المجمد منذ 1996، بالكاد يكفي الضروريات. وتكمن مشكلة السعر في حجم الرسوم والضرائب فضلاً عن الضريبة على القيمة المضافة ونسبتها عشرة في المئة، وتصل قيمتها الى 12300 ليرة، فيما يبلغ سعر الصفيحة 10100 ليرة. وبحسب مستوردين للمشتقات النفطية، فإن الزيادة التي سجلها سعر الصفيحة منذ بداية السنة بلغت 13 في المئة بفعل ارتفاع اسعار المشتقات النفطية عالمياً في المدة نفسها بنسبة 50 في المئة. وتحصل وزارة المال من المبيعات اليومية في السوق البالغة 250 الف صفيحة، نحو 2،2 مليون دولار. وفي انتظار موافقة مجلس الوزراء على تثبيت السعر على 25 الف ليرة، سيظل اللبنانيون منشغلين بتوقعاتهم بامكان ان يبلغ السعر 30 الف ليرة لعدم استقرار السوق العالمية. لكن رئيس تجمع شركات النفط في لبنان بهيج ابو حمزة استبعد ذلك. وانعكس ارتفاع سعر النفط في الاسواق العالمية ايضاً على التيار الكهربائي، الذي تقننه مؤسسة كهرباء لبنان تقشفاً، بفعل الارتفاع الكبير في سعر المازوت والفيول. وهذا التقنين سيمس جيوب اللبنانيين ايضاً لأن الفاتورة الشهرية التي ستتوجب على الاشتراكات بالمولدات الجماعية في المناطق لتعويض التغذية بالتيار سترتفع بدورها، وهي تتخطى الفواتير المصدرة من كهرباء لبنان. وتزامنت هذه المشكلات مع انسحاب شركة "تعميرات" الايرانية المفاجئ من عملية تشغيل معملي دير عمار شمال والزهراني جنوب، بسبب سوء تقديرها لحجم العمل. وبحث مجلس ادارة الكهرباء مع ممثلي شركة "انسالدو" التي حلت ثانياً في المناقصة في تسلّم الشركة هذه العملية. وسيتخذ المجلس قراره في ضوء العرض الذي ستتقدم به. وفي انتظار الجواب، طلبت المؤسسة من شركةPSM تمديد عقد التشغيل معها. وتعيد هذه الازمة طرح ملف فضيحة كهرباء لبنان التي تتجدد كل بضعة اشهر. فشركة "تعميرات" كانت فازت في مناقصة تلزيم التشغيل والصيانة، بعدما اعيدت المناقصة التي كانت فازت بها شركة "شاناهان" الايرلندية ورفضها مجلس الوزراء داعياً لاعادة المناقصة. وتسبب الامر بأخذ ورد واتهامات في الاوساط السياسية بأن شركةPSM المشغلة الحالية والتي حصل نزاع على ادائها هي شركة نافذة سياسياً مما ادى الى استبعاد الشركة الايرلندية. ولكن بعدما فازت "تعميرات" بالعقد تبين انها غير مؤهلة لتنفيذه، مما يعيد الوضع الى نقطة الصفر واضطرار المؤسسة الى التمديد للشركة النافذة التي يملكها عهد بارودي ونجله، والذي كان دائماً المتعهد للشركات التي التزمت تشغيل المعملين منذ 1998.