أوليفر ستون انتظر قرابة الخمس عشرة سنة قبل أن يحقق فيلمه - حلمه حول الاسكندر المقدوني .وكولن فاريل انتظر سنوات قبل أن يُطلب منه أن يرتدي ثوب الاسكندر القصير، وأسلحته الذهبية، ويتجول في حدائق بابل المعلقة في طريقه الى اقامة أكبر امبراطورية في العصور القديمة، الامبراطورية التي امتدت على نصف أوروبا الجنوبية، وعلى كل الجانب الغربي من آسيا... أما القارئ النهم الذي قد يستثير المشروع فضوله، فعليه أن ينتظر حتى آخر هذه السنة قبل أن يشاهد الفيلم معروضاً في الصالات .ففي هذه الأيام لا يزال ستون في مرحلة تصوير مشاهد فيلمه في لندن، حيث لا يكف عن الانبهار بالديكورات التي حققها فنانون للفيلم، يذكّر عملهم بروائع الأفلام التاريخية القديمة .لكن انبهار ستون بالديكورات لا يقل عن انبهاره بكولن فاريل الذي يلعب الدور الرئيسي في الفيلم: انه "مولود ليمثل"، يقول ستون، مثلما كان لديه في أفلامه السابقة أناس ولدوا ليحكموا وآخرون ولدوا ليفشلوا، وغيرهم ممن ولد ليقتل . الاسكندر هو خامس شخصية سياسية حقيقية أو تاريخية تفتن أوليفر ستون، الى درجة ان يحقق فيلماً عنها، قبله كان هناك جون كينيدي ونيكسون، ثم - قبل سنتين - ياسر عرفات وفيديل كاسترو .لكنّ للإسكندر طعماً خاصاً .فالأمر لا يقتصر على كونه حكم امبراطورية، ولا باعتباره الوحيد بين "أبطال" ستون الذي ينتمي الى العصور التاريخية، بل هو، كذلك، وكما يقول ستون نفسه: "رجل كان سابقاً لعصره.. .هو الذي اخترع للإنسان القديم مصيراً مكّنه من أن يفلت من هيمنة آلهة جبال الأولمب" . وهذا الأمر هو ما يشكل محور السيناريو الذي وضعه أوليفر ستون بنفسه لهذا الفيلم الذي يتوقع له كثيرون منذ الآن، أن يكون انطلاقة جديدة للسينما التاريخية في عودة لها قد لا يصح على أية حال أن نقول منذ الآن ان هذا الفيلم يؤمنها وحده .فالواقع ان "اسكندر" أوليفر ستون خطوة أخرى في استعادة السينما العالمية نكهة التواريخ القديمة... والجديدة أيضاً. ففي هذه السنة، ستُشاهد أيضاً أفلام عن "طروادة" من بطولة براد بيت وعن الحروب الصليبية فيلم "مملكة السماء" لريدلي سكوت والذي يشارك فيه بعض الفنانين العرب في أدوار ثانوية وعن "الملك آرثر"... لكن، في المقابل، إذا كانت دورة "كان" المقبلة ستشهد عروض أفلام عن شخصيات تاريخية حقيقية، سياسية أو غير سياسية، مثل فيديل كاسترو وسلفادور اللندي، وكول بورتر، موسيقي هوليوود الأربعينات الشهير، فإن المخرج الأميركي - اللبناني الأصل - تيرنس مالك، أعلن بشكل مباغت تأجيل تحقيقه مشروع فيلمه عن حياة تشي غيفارا المفترض أن يلعب دوره بينيشيو دل تورو الى عام مقبل، ليحقق بدلاً منه فيلماً عن الهنود الحمر، وبطلتهم القومية "بوكاهونتاس" التي كانت تدعو الى الحوار الحضاري، وسبق لاستوديوات ديزني أن حققت عنها فيلم رسوم متحركة . مالك، الذي يعتبر الأغرب أطواراً والأكثر غموضاً بين سينمائيي جيله، هو الذي لم يحقق سوى ثلاثة أفلام طوال 35 سنة، أعلن أن تحقيق فيلم عن غيفارا يحتاج سنوات طويلة . بالنسبة الى الاسكندر، لا يرى ستون الرأي ذاته... صحيح أنه انتظر 15 سنة حتى يحققه، لكن تحقيق الفيلم لن يستغرق سوى 15 شهراً، بعدها سيتمكن الجمهور من العودة الى الزمن القديم، ليرى على الشاشة اسكندراً لم يعش في الماضي إلا في المخيلات... وها هو ستون يحمله الى واقع جديد .