أدت أعمال النهب الواسع التي طاولت خصوصاً المكتبة والمحفوظات الوطنية قبل سنة، مع سقوط نظام صدام حسين الى ضياع جزء مهم من تاريخ العراق المكتوب خصوصاً تلك المحفوظات المتعلقة بالملكية وهي مسألة مهمة جداً في بلد شهد نزوح عشرات الآلاف من مواطنيه. وتعرضت مباني المكتبة والمحفوظات الوطنية مرتين للسلب او الحريق عندما سقط النظام في نيسان ابريل العام الماضي فيما تلف قسم من الوثائق التي حُيّدت قبيل الحرب بفعل المياه التي غمرتها في الاقبية. وقال مدير المحفوظات الوطنية سعد اسكندر: "ان ستين في المئة من المحفوظات التي تضم ملايين الوثائق الخاصة بالوزارات والسجلات ووثائق الملكية منذ العهد العثماني فقدت"، مشيراً الى ان تصنيف ما تبقى من الوثائق يتطلب سنة كاملة". وكانت محفوظات معظم الوزارات من العهد العثماني 1638-1918 والانتداب البريطاني 1920- 1932 والعهد الملكي 1932-1958 ثم الجمهورية جمعت داخل هذه المباني. وأوضح اسكندر ان "هذه الوثائق فريدة، اذ تمثل الارث المكتوب للدولة العراقية الحديثة الذي فقد الى الابد". واعتبر ان النتائج ستكون كارثة لضياع سندات الملكية وتوزيع الاراضي والتركات الخاصة بأوقاف المساجد من العهد العثماني والتي كانت وثائقها الاصلية محفوظة في بغداد او اسطنبول. وكان نظام صدام طرد عشرات الآلاف من الاكراد من مناطق كركوك وسنجار في خطته لتعريب الشمال واستقدم مكانهم عرباً من الجنوب لتغيير الخريطة السكانية. ويطالب العرب والاكراد الآن باستعادة ممتلكاتهم وحقوقهم، ويأتون لمراجعة المحفوظات التي تؤكد مطالبهم. وخلال العهد السابق استولت الدولة والمقربون من صدام على اراضي المعارضين المسجونين او المنفيين او الذين اعدموا. ويروي اسكندر: "قبل شهر جاءنا رجل يريد ان يراجع المحفوظات ليثبت ان النظام السابق اعطى احد اقربائه ارضاً صادرها في اطار سياسة التعريب. لم نستطع ان نقول له شيئاً، إذ اختفى قسم كبير من السجلات وتلزمنا سنة على الاقل لتصنيف ما تبقى من وثائق". ويتابع ان "مراجعاً آخر جاء من الموصل ليراجع السجلات القضائية في الاربعينات والتي تثبت ادعاءه انه كان يملك ارضاً". قبل الحرب امكن نقل عدد من وثائق العهدين الملكي والعثماني الى قبو الادارة العامة للسياحة ولكن غمرته المياه وعندما اكتشف الأمر في آب اغسطس كان القسم الاكبر تلف. وقال هوشيار محمد مستشار السلطة الموقتة للائتلاف لدى وزارة الثقافة "نقلنا الوثائق بواسطة احد المتعهدين لكنه تسبب في فقدان عدد منها بسبب عدم الخبرة"، وعمل بعض الخبراء الاميركيين لحفظ الوثائق المتضررة على أمل ترميمها. ونجت المكتبة العامة وأكثر من مليون كتاب من الحريق لكن المجلدات الثمينة سرقت. واكدت مسؤولة قسم الكتب التراثية القديمة حليمة حسين "سرقة القسم الاكبر من مجموعة تضم 300 مجلد قديم أهمها كتاب ابن سينا "قانون الطب" الذي يعود الى القرن التاسع". وفي الوقت الذي كانت فيه أعمال النهب على قدم وساق في انحاء بغداد، أدى تدخل رجل دين شيعي الى انقاذ عشرات الآلاف من الوثائق والكتب التي نقلت الى احد مساجد مدينة الصدر حماية لها. المحفوظات الوحيدة التي ظلت سليمة، كانت تلك التي نقلتها وزارة الداخلية عشية اندلاع الحرب.