بغداد - أ ف ب - اتهم العراق دولاً مجاورة بوضع اليد على جزء كبير من ارشيفه التاريخي الذي تعرض للسلب خلال الفوضى التي تلت الإجتياح الأميركي في آذار (مارس) 2003. وقال سعد اسكندر، مدير دائرة الكتب والوثائق إن «ملايين الوثائق القديمة التي تخص العراق وعلاقاته بدول الجوار هربت الى تلك الدول». وأضاف: «لدينا أدلة حقيقية وليست ادعاءات على ان الوثائق هربت الى سورية وايران، خصوصاً تلك المتعلقة بمشاكل النفط والحدود والانهار». وسرق ستون في المئة من الوثائق، بينها عشرات الوثائق التي تعود الى القرن الماضي، فيما تعرضت اخرى للتلف جراء تسرب المياه الى المكان الذي كانت محفوظة فيه. كذلك، تعرضت كميات اخرى للاحتراق عندما اضرم مجهولون النار في المبنى الذي يقع في منطقة باب المعظم، شمال بغداد. وتابع اسكندر ان ما يقوله «ليس افتراضات، لأن لدينا ادلة على ان هذه الوثائق اخذت الى هذه البلدان، وبينها خرائط واتفاقات رسمية تتعلق بالنفط والحدود والانهر». وأشار الى ان «احزاباً سياسية ومهربين وراء نقل هذه الوثائق الى تلك البلدان»، مطالباً بإعادتها. وأوضح انه «تم الاستيلاء على وثائق تخص حركات معارضة كان مقرها في العراق». وكان للعديد من الحركات المعارضة للانظمة في سورية وايران والسعودية مقرات في العراق إبان حكم صدام حسين. من جهة اخرى، أعلن اسكندر ان بغداد ستبحث خلال العام المقبل مع الولاياتالمتحدة في اعادة عشرات الملايين من الوثائق، خصوصاً ما يتعلق منها بالجالية اليهودية. وقال ان «الوضع السياسي الحالي غير مستقر، لدينا حكومة في نهاية دورتها، لذا سننتظر حتى مطلع العام عندما تتشكل حكومة جديدة». ويهود العراق من اقدم الطوائف في هذا البلد. وكان نحو 130 الف يهودي يعيشون في العراق حتى عام 1948، لكن معظمهم غادر في الخمسينات. وكان وزير السياحة والآثار السابق محمد عباس العريبي اعلن مطلع تموز (يوليو) 2008 ان رئيس الوزراء نوري المالكي امر بتشكيل مجموعة عمل خاصة للتحقيق في وصول نحو 300 مخطوطة يهودية نادرة الى اسرائيل. وكانت هذه المخطوطات اصيبت بأضرار طفيفة خلال القصف الاميركي لبغداد، فتم ارسالها الى الولاياتالمتحدة لترميمها بالتوافق مع السلطات العراقية الجديدة. لكنها اختفت وظهرت في إسرائيل. وفي اواخر حزيران (يونيو)، قال النائب الاسرائيلي السابق موردخاي بن بورات المشرف على «مركز تراث يهود بابل» لصحيفة «هآرتس»: «لقد اشترينا المخطوطات من لصوص». ومن بين هذه الاعمال المكتوبة بالعبرية تعليق على سفر ايوب في الكتاب المقدس نشر عام 1487، وجزء من كتب الانبياء نشر في البندقية عام 1617، وفق «هآرتس». وتعرضت دار الكتب والوثائق في بغداد للسرقة إبان الاحداث التي رافقت العمليات الحربية في نيسان (ابريل) 2003، وفقد نحو ستين في المئة من الارشيف والسجلات والصور الفوتوغرافية والخرائط التي تعود الى مختلف العهود السياسية. والدار الواقعة في باب المعظم في شمال بغداد من المؤسسات التي تؤدي دوراً مهماً في خدمة الحياة الثقافية والفكرية والعلمية عبر حفظها الوثائق الرسمية وشبه الرسمية والاوراق الشخصية منذ تأسيس الدولة العراقية الحالية عام 1921. وفي خطوة هي الاولى من نوعها، نشر موقع الكتروني عراقي رسمي عشرات المجلات التي كانت تصدر في البلاد منذ مطلع القرن الماضي ابان فترة الحكم العثماني والانتداب البريطاني. وبث موقع المركز الوطني للاعلام التابع لامانة مجلس الوزراء بالتعاون مع دار الكتب والوثائق هذه المجلات قبل ايام. وقال مدير المركز علي الموسوي انه تمكن من التنسيق مع دار الكتب والوثائق لنشر هذه المجلات للمرة الاولى على موقع الكتروني». وأضاف «لدينا خطة لنشر مئات الوثائق التي تخص العراق حتى يتمكن الباحثون من الاستفادة منها»، مشيراً الى ان «العمل جار لتحميل الوثائق على الموقع (...) وفور الانتهاء سيتم وضع ضوابط بحيث لن يكون استخدامها مجاناً».