توقع عدد من مديري شركات التأمين واعادة التأمين حدوث نمو هائل في سوق التأمين العراقية مستقبلاً، لا سيما في حال تطبيق قانون الاستثمار الاجنبي، مؤكدين ان هذا القانون سيفسح المجال امام رؤوس الاموال الاجنبية المباشرة للتدفق نحو القطاعات الاقتصادية في العراق، ما ستكون له انعكاساته الايجابية اللاحقة على قطاع التأمين العراقي. وتواصل شركات التأمين واعادة التأمين العراقية، على رغم الظروف الحرجة الحالية، نشاطاتها وسط تكهنات تفيد أنها بدأت تحقق معدلات نمو في ارباحها مقارنة بالأعوام السابقة نتيجة كسر طوق العزلة الدولية التي فرضت عليها طوال أعوام الحصار واستئنافها العلاقات الدولية مع أسواق التأمين. عانت شركات التأمين واعادة التأمين العراقية ظروفاً صعبة جداً منذ بدء تطبيق قرارات المقاطعة الاقتصادية عام 1990 وغياب خدمات اعادة التأمين الدولية عن العراق. وبيدو انه من غير الممكن فصل تلك المرحلة عن المرحلة التي تلتها والمتمثلة بمرحلة احتلال العراق، فقطاع التأمين في العراق، حتى نهاية الربع الاول السنة الجارية، لا يزال يقدم خدماته الى المؤمّن عليهم، سواء في القطاع العام او الخاص أو الافراد بطاقاته الذاتية. وكان من نتائج ذلك ان الخدمة التأمينية استمرت في السوق العراقية ولكن بحدود وطاقات محدودة. ويتوقع خبراء التأمين العراقيون عودة خدمات التأمين الدولية الى العراق خلال الشهور المقبلة بعد انقطاع استمر 14 عاماً، ما سيضمن حماية شاملة للقطاعات الاقتصادية العراقية كافة. وكشف فؤاد عبدالله عزيز، المدير العام في"شركة اعادة التأمين العراقية"عن اتفاقات جديدة أبرمتها شركته مع شركات إعادة تأمين دولية، عن طريق وسطاء معروفين في سوق لندن، منها شركة"ميونيخ "الالمانية لإعادة التأمين. وقال ل"الحياة"إن الاتفاقات الجديدة تتيح مرونة عالية لشركات التأمين واعادة التأمين العراقية لدى قبول تأمين أخطار تعد كبيرة في قيمتها وكلفتها، فضلاً عن قيام الشركة الالمانية بتهيئة غطاء تأميني للشركات العراقية بمبالغ تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. وحول الحسابات الخارجية لشركات التأمين واعادة التأمين العراقية المعتمدة وموقف سلطة التحالف منها، قال عزيز إنه بموجب قرار مجلس الامن رقم 1483 والذي أعطى الشرعية الدولية لقوات التحالف في العراق، قامت الأخيرة بوضع يدها على جزء منها، معتبرة أن هذه الاموال تعود الى الحكومة العراقية وعليه تُخصص لاعادة اعمار العراق. وأضاف أن هذه المبالغ غير معروفة بشكل دقيق، إذ هناك 21 مصرفاً خارج العراق فيها ودائع بعملات مختلفة، موضحاً ان الاتصالات ما زالت مستمرة في شأنها لاطلاقها واعادتها الى الشركات والمصارف الاخرى. وزاد أن تلك الاموال لا تعود الى الدولة العراقية، وانما تعود الى جملة وثائق التأمين والشركات المسندة في سوق التأمين الدولية، وكانت مهيأة لسداد التعويضات التي تنشأ عن أخطار مؤمن عليها. وأكد أن قوانين التأمين العراقية النافذة حالياً تلزم الشركات الاجنبية التي تشارك في جهود اعادة اعمار البلد التأمين لدى شركات التأمين واعادة التأمين العراقية حصراً. إلا أنه اشار الى وجود خروقات كثيرة لتلك القوانين، من خلال قيام بعض الشركات العاملة في العراق بالتأمين لدى شركات غير عراقية. وقال إن شركات التأمين العراقية تجري حالياً اتصالات مكثفة مع جميع الوزارات العراقية المعنية باعادة الاعمار لاجراء التأمين لديها، انسجاماً مع قوانين التأمين العراقية التي تلزم جميع الاطراف العراقية والاجنبية التي تنفذ مشاريع في العراق بدفع اقساط التأمين الى الشركات العراقية. وكشف عزيز ايضاً عن خطة تقوم بها شركته، بالاتفاق مع شركات التأمين العراقية، لتأسيس صندوق تأميني مشترك يغطي جميع الاخطار في السوق العراقية وتدعمه شركات التأمين واعادة التأمين العاملة في العراق وفقاً لقدرات كل شركة على حدة. وأكد ان هذا الصندوق سيزيد من قدرات تلك الشركات على تغطية كل انواع الاخطار المكتتب بها في العراق، ما سيرفع من حجم اعمالها وقدراتها المالية، لافتاً الى أنه سيتم اسناد ما يفيض عن طاقة هذا الصندوق الى شركات اعادة التأمين الدولية، وفق اتفاقات يجري التشاور بصددها حالياً مع تلك الشركات. وفي ما يتعلق بالنشاطات المالية لشركته، قال عزيز إن أرباح الشركة ناهزت 238 مليون دينار عراقي عام 2002، اما موازنة عام 2003 التي بدأ العمل بها اعتباراً من شهر ايلول سبتمبر الماضي فهي في طور الاعداد، متوقعاً أن تصل أرباح الشركة الى حدود 250 مليون دينار عراقي. ويتكون الهيكل العام لسوق التأمين العراقية من ثلاث شركات عامة تابعة للدولة هي"شركة التأمين الوطنية"و"شركة التأمين العراقية"و"شركة اعادة التأمين العراقية"، بالاضافة الى أربع شركات تأمين اهلية مساهمة خاصة تأسست بموجب القانون رقم 21 لعام 1997، هي"شركة الحمراء"و"شركة دار السلام"و"الشركة الاهلية"و"شركة الامين للتأمين". ويجري حالياً العمل على تأسيس أول جمعية عراقية للتأمين، من المؤمل الإعلان عنها خلال الشهور الثلاثة المقبلة، لضم جميع شركات التأمين واعادة التأمين العراقية العامة والخاصة بهدف ضبط قطاع التامين العراقي وتنظيمه ومراقبة الحماية التي توفرها تلك الشركات للقطاعات الاقتصادية والمواطنين العراقيين. كما ستتيح الجمعية التنسيق بين الشركات لتدريب موظفيها وتأهيلهم، وحل النزاعات التي قد تحدث بينها، وكذلك العمل على إصدار أول مجلة خاصة بشؤون التأمين في العراق.