نجحت الحكومة الاميركية خلال الشهور الماضية في تنظيم العديد من مؤتمرات إعادة إعمار العراق في واشنطن ولندن وعمان والكويت ولبنان والامارات، إلا أن الأمور لا تسير في الوقت الحاضر وفق التوقعات بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والمخاوف من المستقبل. وقال مصدر اقتصادي عراقي ل"الحياة"ان مئات العروض الاستثمارية والصفقات التجارية أبرمت عبر الشهور الماضية، على أمل ان تتحقق نهضة عمرانية وصناعية في العراق، مقدراً قيمة اجمالي الاستثمارات التي كانت مرشحة للتوافد بما بين 12 و15 بليون دولار في السنة الواحدة. وبخلاف الصعوبات الأمنية وأثرها في قدوم الاستثمارات، يعاني العراق من المشاكل التقليدية المتمثلة في تأخر صرف المساعدات الذي تعرفه الدول المعتمدة على مساعدات البلدان المانحة لبناء اقتصادها. وزارة المال وتواجه وزارة المال العراقية والبنك المركزي العراقي مصاعب حالياً لاقناع الجهات المانحة بصرف مستحقات اجتماع الدول المانحة الذي عقد في اسبانيا في نهاية تشرين الأول أكتوبر الماضي، الذي قرر منح 33 بليون دولار كقروض واستثمارات الى العراق، في وقت ما زالت الوعود الاميركية لصرف حصة الولاياتالمتحدة البالغة 18.4 بليون دولار حبراً على ورق، بينما تواصل أوساط سياسية واقتصادية في بغداد انتقاداتها لمسيرة إعادة إعمار العراق، إما بسبب بطئها او نتيجة لتشدد سلطة التحالف في صرف الاموال اللازمة لعملية الاعمار. وقال تقرير اقتصادي صادر عن جامعة بغداد إن تداعيات الوضع الامني الاخير، بسبب المعارك في الفلوجة ومدن وسط جنوبالعراق، أدت الى زيادة نسبة التردد لدى المستثمرين الاجانب. وأضاف ان عمليات الخطف والاغتيال التي استهدفت بعض المقاولين ورجال الاعمال الاجانب أسفرت عن هروب جماعي لمئات الخبراء العاملين وخصوصاً في ميدان الطاقة. وأكد التقرير نفسه أن أزمة الاستثمارات الخارجية بدأت بالفعل، وتتفاعل بشكل سالب، ما لم يتحسن الوضع الامني على الارض. وقال أحمد البحراني، وهو تاجر عراقي في بغداد ل"الحياة"أن التداعيات الامنية الاخيرة في الفلوجة وتزايد مخاطر الطريق الخارجي في اتجاه الحدود الاردنية - السورية افرزتا تراجعاً في التجارة القادمة من الاردن وسورية بنسبة 65 في المئة. ويعاني شارع الكرادة خارج، وهو أحد أهم المراكز التجارية في بغداد، من انكماش في عمليات البيع. وافاد ابو احمد، صاحب مركز لبيع الاجهزة الكهربائية، ل"الحياة"أن الحركة التجارية كانت"شبه ميتة"الاسبوعين المنصرمين نتيجة عزوف المواطنين عن التجول والخروج من المنازل بسبب احداث مناطق الاعظمية والصدر والشعلة، في اشارة الى المواجهات المسلحة ضد قوات سلطة"التحالف". وزاد:"اصبحنا نغلق محال البيع بحلول العصر خشية من احتمالات انفلات الوضع الامني وحدوث اعمال نهب وسلب خلال عمليات اطلاق النار هنا وهناك". وقال بشار الخياط وهو رجل اعمال عراقي ل"الحياة":"الموردون التجاريون في الأردن وسورية فرضوا زيادة في أسعار السلع والبضائع التي يتعاقدون على نقلها الى بغداد نظراً الى تدهور الاوضاع الامنية في الفلوجة والانبار"، مشيراً الى ان بعض منشآت النقل البري تعطل عملها بصورة كبيرة بسبب المخاطر المحتملة التي تواجهها عمليات نقل البضائع والسلع الآن.