أدى قرار الحكومة العراقية في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي السماح باستئناف دخول البضائع السورية، إلى استنزاف ما تبقى من مخزون الصناعة في سورية، وذلك بعد توقف دام أكثر من شهرين، كما أكد أكبر المستوردين العراقيين. وقال رئيس المجلس البلدي لقضاء القائم في الأنبار ناظم البردان «الحكومة العراقية سمحت باستئناف الحركة التجارية ودخول الشاحنات المحملة بالبضائع والمنتجات السورية إلى العراق عبر المنفذ، والحركة لن تعود كما كانت بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة في سورية». وأوضح، أحد أكبر المستوردين من سورية حسن الدهلكي، في تصريح الى «الحياة»، أن «فترة توقف الحركة التجارية بين البلدين، التي دامت أكثر من شهرين، بعد اندلاع الأحداث الأمنية في سورية، تسببت بأزمة حادة في السوق العراقية ورفعت قيمة البضائع أضعافاً». ولفت إلى أن «الصناعة السورية تنفرد بتأمين ما يعرف بالمواد الأولية لصناعات يحتاجها المستهلك سواء العراقي أو التركي، ومنها الصناعات القطنية والصوفية والأغذية ومواد أولية داخلة في صناعة الجلود والمطيبات ومساحيق الغسيل وألبسة الأطفال والصناعات الجلدية». وأشار الى أن معظم الصناعات السورية حالياً متوقف، وما يدخل إلى العراق هو عبارة عن شحن ما هو موجود في المخازن، مضيفاً «بعد فشل المُصنع السوري في إنهاء مراحل تصنيع بعد المنتجات، اضطررنا إلى شرائها من دون تغليف، وعندما عرضناها في السوق لم نتمكن من بيعها لأن تجار التجزئة تخوفوا من أنها بضائع مقلدة، وهنا اتفقنا مع المصنع السوري على إتمام تغليفها وعمليات التعبئة داخل العراق وبالماركات السابقة ذاتها، ما زاد من تكاليفها وأسعارها». ولفت إلى أن من أبرز هذه البضائع مادة التبغ المستخدم في النارجيلة، وقد تصل قيمة المستورد فقط لفئة السجائر وتبغ النارجيلة إلى نحو بليون دولار سنوياً. وأوضح الدهلكي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تراجع 80 في المئة، متمنياً انتهاء الأحداث في سورية لأن إيجاد بديل لتأمين ما تحتاجه السوق العراقية صعب جداً». وكان الملحق التجاري في السفارة العراقية في دمشق أحمد جواد كرمش الزبيدي أكد أن «العلاقات التجارية بين سورية والعراق أخذت خلال السنوات الأخيرة منحى تصاعدياً، والبيانات الإحصائية أظهرت وصول التبادل التجاري إلى خمسة بلايين دولار عام 2011، وكان الهدف أن يبلغ سبعة بلايين دولار لولا اندلاع الأحداث». وأكد أحد رجال الأعمال السوريين، باقر الشامي، الذي زار محافظة واسط نهاية الأسبوع الماضي وناقش مع المحافظ مهدي علي الزبيدي إمكان حصوله على موافقة للبدء بمشاريع استثمارية صناعية في المحافظة، أن «معظم رؤوس أموال المصنعين السوريين لم تكن أموالاً مودعة في مصارف بل هي بضائع غالبيتها متجهة إلى بغداد، وهذا ما ساعدنا على حمايتها، فقمنا خلال تردي الأوضاع الأمنية بنقل كل منتجاتنا إلى شركائنا العراقيين ليضعوها في حسابات داخل مصارف عراقية، وحالياً هي تحت تصرفنا». وأضاف: نحن نحاول استثمارها في العراق بأي صيغة، ووجدنا أن عملية العودة إلى بناء قاعدة صناعية أمر صعب، على رغم أن شركاءنا طلبوا منا نقل أصول صناعتنا إلى العراق وربما ينفع ذلك مع بعض الصناعات، لكن بعضها الآخر مترابط، كما هي حال الصناعات القطنية، فكنا نعتمد على المنتج الوطني من القطن لكن العراق يعتمد على الاستيراد». وأوضح أن «معظم رجال الإعمال السوريين انتقلوا إلى دول الجوار مثل الأردن والعراق وتركيا ولبنان، وهم لا يريدون استثمار أموالهم في مشاريع طويلة الأمد بل سريعة، وأنا أبحث عن فرصة للحصول على عقد سريع لبناء مستشفى أو تأهيل أبنية وغيرها».