قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي إن إيران قدمت معلومات خاطئة في السنوات الماضية تخالف اتفاق منع الانتشار النووي. لكنها قررت فتح صفحة جديدة منذ عام تقريباً، ونعمل هناك بارتياح. وأكد البرادعي في محاضرة مساء أول من امس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن ليبيا كان عندها مشروع في بدايته لتخصيب اليورانيوم وصنع القنبلة النووية، كما أن الوكالة لديها عمل في العراق، وسيعود فريق التفتيش قريباً. واستبعد أن تكون الوكالة تكيل بمكيالين، فهي تقوم بالتفتيش بناء على قرار الدول الأعضاء، واصفاً الوكالة بأنها "كلب الحراسة النووي، لكنه كلب أليف". وأشار إلى أن إيران وليبيا وكوريا الشمالية أعضاء في اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية ومن ثم تقع كل منها تحت طائلة التفتيش أما الهند وباكستان وإسرائيل فلا وصاية للوكالة عليها كونها غير أعضاء في الاتفاق. أكّد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أنه بعد أحداث ليبيا وإيران حان الوقت أن ترى إسرائيل أن مصلحتها التخلّي عن أسلحتها النووية. وقال البرادعي ان لا بد أن يكون هناك حوار استراتيجي لاقامة نظام امني متكامل يتواءم مع عملية السلام، داعياً الى المناقشة الجدية بين الدول العربية واسرائيل ليكون هناك نظام امني متكامل يأخذ في الاساس الحد من السلاح النووي وايضاً التقليدي، ودعا البرادعي الى اتخاذ اجراءات لبناء الثقة مثل نشر قوات حفظ السلام واقامة محطات للانذار المبكر، مؤكداً في الوقت نفسه على اهمية ان يبدأ هذا الحوار اليوم قبل الغد. واكد ان على العرب ان يكون لهم استراتيجية لمفهوم الامن الوطني والاقليمي وان تكون هناك خطة ودراسات تفصيلية بحيث يتم اقناع اسرائيل ان مصلحتها وأمنها هو في وجود شرق اوسط اكثر استقراراً لا توجد فيه اسلحة دمار شامل. وأضاف في المحاضرة، التي حضرها وزراء التعليم العالي والدولة للبحث العلمي والصناعة والتنمية التكنولوجية والكهرباء والطاقة، وعشرات من المفكرين ومئات من الطلاب، ان نظام الامن العالمي ناقص، ونظام الامن الجماعي الموجود في ميثاق الاممالمتحدة لا يعمل، مطالباً بإعادة النظر في بناء الامن الجماعي، وفي كيفية استخدام القوة. كما اكد ان عملية نزع السلاح النووي ما تزال إحدى التحديات التي تواجه عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي مشكلة تهدد النظام الدولي. وأوضح انه لا يمكن ان يكون هناك عالمان، واحد يمتلك السلاح النووي ويعتمد عليه، والآخر لا يملك السلاح النووي ومطلوب منه ألا يحصل عليه، فهناك عدم مساواة في ما يتعلق بالحماية النووية. وأعرب البرادعي عن اسفه لعدم احراز تقدم في هذا المجال حيث لا تزال هناك ثماني دول تمتلك السلاح النووي، خمس منها مُنضمّة الى المعاهدة، وثلاث خارج نظام الوكالة والمعاهدة وهي اسرائيل والهند وباكستان. واكد امتلاك دول العالم لنحو 30 ألف رأس نووي بعضها عامل والآخر غير عامل، مشيراً الى ان اكبر ترسانة نووية توجد في الولاياتالمتحدة وروسيا، اذ هناك نحو 15 ألف رأس نووي وبين 30 إلى 40 رأساً في الهند وباكستان و200 في اسرائيل، وهذه تقديرات تكهنية وان حلف شمال الأطلسي ما زال يشكّل مظلة نووية لأكثر من 25 دولة وهو ما يمثل مستودعاً نووياً كبيراً. وتناول البرادعي دور الوكالة بالشرح في مجال منع الانتشار النووي فأكد ان دورها محدود في هذا المجال وليس لديها الصلاحية التامة، مشيرا الى أن 189 دولة انضمت الى معاهدة منع الانتشار النووي وهي أكثر الاتفاقات الدولية انتشاراً من ناحية العضوية بعد عضوية الاممالمتحدة وهو ما يدل على الاهتمام الدولي باتفاق منع الانتشار النووي. وتطرّق البرادعي الى الحديث عن الاوضاع في العراق فأشار إلى أن ولاية الوكالة للتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل في العراق ما زالت قائمة، وقال انه بعث بتقرير قبل يومين الى رئيس مجلس الامن يخطره فيه بأن ولاية الوكالة الدولية ما زالت قائمة وان فرق التفتيش التابعة لها ينبغي ان تعود، وان مجلس الامن يجب ان يعطي الضوء الاخضر لذلك. ونفى البرادعي ان تكون الولاياتالمتحدة او بريطانيا شاركت الوكالة في أي عملية تفتيش في ليبيا، مشيراً الى أن ما حدث انه تم توقيع اتفاقات ثنائية بين واشنطن ولندن مع طرابلس بعد انتهاء الوكالة من عملها في ليبيا في ما يتعلق بخروج المعدات المتعلقة بالبرنامج النووي الليبي. وبالنسبة للبرنامج النووي الايراني قال البرادعي انه تم تحقيق تقدم في هذا الصدد غير أنه لم يتوصل بعد الى نتيجة نهائية، وطالب ايران باظهار المزيد من الشفافية والتعاون وتوفير المعلومات اللازمة. وقال إن السوق السوداء في مجال التكنولوجيا النووية هي احدى التحديات المهمة التي تواجه العالم اليوم، مشدداً على وجود شركات وافراد في مختلف انحاء العالم تتعامل في هذا المجال بعد أن كان التعامل في السابق يتم من طريق بعض الدول. وأضاف ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقوم حالياً بتحرّي الامر للوقوف على هذه الشبكة التي تهدد العالم بأسره خصوصاً في ظل التهديد بتسرب هذه التكنولوجيا للعناصر المتطرفة. وأكّد البرادعي في ردّه على سؤال ان الحديث عن مشروع نووي عربي في مواجهة اسرائيل لن يحظى بموافقة المجتمع الدولي الذي لم يسمح لأي دولة جديدة بامتلاك اسلحة نووية، مشيراً الى ان الهدف هو نزع الاسلحة من الدول التي تمتلكها حالياً وليس اضافة دول جديدة تمتلك السلاح النووي خشية اساءة استخدام هذا السلاح بطريق الخطأ او سوء التقدير. ونفى أن تكون هناك ازدواجية في قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، موضحاً أن الوكالة تتعرض لضغوط كثير من الدول صغيرها وكبيرها غير أنه أكد عدم الاستجابة لهذه الضغوط. ودعا البرادعي الى مشروع حضاري عربي لإحداث التوازن بين مصالحها الى جانب انتهاج اسلوب للتعاون الدولي، مشيراً الى خطورة ان يعاني 40 في المئة من الشعوب العربية من الامية، كما دعا الدول العربية الى تحديد مفهومها للسلام والى صحوة عربية علمية.