تجتمع حكومات دول العالم في شهر أيار /مايو المقبل في مقر الاممالمتحدة لمراجعة وإصلاح معاهدة منع الانتشار النووي الموقعة في 1968 والتي تكتنفها المشاكل بسبب إخفاقها في التعامل مع إيران وكوريا الشمالية ولكن تحيط بها مشاعر التفاؤل بسبب التقدم الاخير الذي أحرزته أمريكا وروسيا في مجال الحد من الاسلحة النووية. ويبقى نزع السلاح ومنع الانتشار النووي يمثلان أولوية قصوى للامم المتحدة ولاكثر من 180 حكومة وقعت على المعاهدة، وتجتمع الدول الموقعة على المعاهدة مرة كل خمسة أعوام لمراجعة ما تم إحرازه من تقدم. ومنذ ان اتفقت الدول عام 1995 على تأييد منع الانتشار النووي لم تتمكن المعاهدة من منع الهند وباكستان اللتين لم توقعا عليها من إجراء اختبارات للاسلحة نووية ومن منع إسرائيل من تصنيع رؤوس نووية أو منع كوريا الشمالية وإيران من إنتاج اليورانيوم اللازم لانتاج الاسلحة. وتنظر الاممالمتحدة للمعاهدة على انها هامة بصورة كبيرة في ظل انتشار الاسلحة والمواد النووية مثل اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم حيث من المحتمل وصولها إلى أيدى الارهابيين. وعلى أي الاحوال أخفقت المراجعات التي أجريت عامي 2000 و 2005. ففي عام 2005 أصر مفاوضو الولاياتالمتحدةالامريكية تحت إدارة الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش على ان تتركز المراجعة فقط على تخصيب إيران لليورانيوم، وأبدت روسيا وفرنسا تأييدهما لامريكا في معارضتها لاجراء مفاوضات مع إيران. وبسبب الخلافات بين الدول لم تسفر المراجعة عن إقرار وثيقة تحظى باتفاق في الآراء من شأنها تقوية آليات التطبيق للسيطرة على الدول التي تخرق المعاهدة واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الدول التي تنسحب من المعاهدة عندما تجري اختبار لسلاح نووي مثل كوريا الشمالية. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إن الاتفاقية الجديدة التي وقعت بين أمريكا وروسيا خلال شهر نيسان/إبريل والتي نصت على تخفيض الرؤوس الحربية بمقدار الثلث زادت من الشعور بالتفاؤل بشأن إمكانية الحصول على مزيد من التعهدات بنزع السلاح النووي خلال المراجعة المقبلة. ويتزداد التركيز هذا العام على جهود الدول صاحبة حق الاعتراض في مجلس الامن الدولي وهي الصين وأمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وكلها تملك أسلحة نووية بالاضافة لالمانيا لاجبار إيران على وقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وتعمل هذه الدول الان من أجل إمكانية وضع نظام للعقوبات وهذا ما سوف يهمين بالتأكيد على المباحثات التي ستجرى على هامش المؤتمر. وحذر الخبير النووي الامريكي ديفيد البريت قبل اجتماع الكونغرس الامريكي في أواخر شهر نيسان/إبريل الجاري من أن " إذا صنعت إيران أسلحة نووية فمن المتوقع تزايد وتيرة انتشار الاسلحة النووية بين الدول المجاورة لها مما سوف يضع قيمة معاهدة منع الانتشار النووي في محل شك كبير ويدفع الدول الاخرى للتلاعب أو الانسحاب من المعاهدة". ولكن دولا أخرى أولت إيران تركيزا أقل، ودعت اللجنة الدولية لمنع الانتشار النووي ونزع السلاح وهي عبارة عن هيئة بحثية تمولها الاممالمتحدة إلى إصلاح المعاهدة لتجنب حدوث إخفاقات في المستقبل. وتحث اللجنة الجمعية العامة التي تنظم لجان المراجعة في الفترة من 3 إلى 28 أيار /مايو المقبل للسعي للتوصل إلى اتفاق جديد في الاراء على اتخاذ إجراء لنزع السلاح، وهذا من شأنه إنشاء ما يسمى بالخطوات ال13 العملية التي تم تبنيها عام 2000 ولكن لم يجر تطبيقها أبدا بالاضافة لتوسيعها بمزيد من الاجراءات الرامية لتقوية المعاهدة وجعلها ملزمة للدول الموقعة عليها. وتدعو المفوضية في أحد اقتراحاتها مجلس الامن الدولي لتصنيف الانسحاب من المعاهدة على انه تهديد للسلام والامن الدوليين يستوجب العقاب عليه. كما تكرر اللجنة الدعوة التي وجهتها حركة عدم الانحياز منذ فترة طويلة للمؤتمر بدعوة الدول النووية بالتخلص الكامل من ترساناتها النووية. وتبدو فرص الاعلان عن مثل تلك الخطوة ضئيلة في ضوء إعلان الرئيس الامريكي باراك أوباما مؤخرا عن ان الاسلحة النووية تمثل أمرا مهما، حتى في ظل تخفيض جزء من نظام الدفاع الامريكي، كما ان روسيا التي تمتلك مع أمريكا نحو 90 % من الاسلحة النووية في العام من غير المرجح ان توافق على تلك الخطوة. كما تريد اللجنة من الدول النووية مثل الهند وباكستان اللتين لم توقعا على المعاهدة أن يتخلصا أيضا من ترسانات أسلحتهما النووية. ولقد وقعت ما لا يقل عن 62 دولة من الدول الاعضاء في المعاهدة التي لا تمتلك أسلحة نووية ولكن لديها أنشطة نووية على بروتوكول إضافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسمح لها بإجراء تفتيش على المنشأت النووية. ولكن ست دول منها رفضت الخضوع لمزيد من تفتيشات الوكالة وهي الارجنتين والبرازيل وكوريا الشمالية ومصر وسوريا وفنزويلا. وقالت الوكالة الذرية إن إيران ربما تعمل الان في تصنيع رأس حربي نووي. وكانت طهران قد اعترفت بانها قامت بتخصيب اليورانيوم لمستوى 20 % وهو المستوى المناسب لصنع سلاح نووي. ولم تنضم إيران وكوريا الشمالية للمعاهدة بزعم أن انشطتهما النووية تأتي ضمن استحقاقات المعاهدة. وكانت كوريا الشمالية قد أعلنت انسحابها من المعاهدة وطردت مفتشي الوكالة قبل أن تعيد تشغيل مفاعلها، ولكن لم يتم الاعتراف بانسحابها. ولذلك فان التحديات التي تمثلها هاتان الدولتان تصعب من مهمة الوكالة الذرية التي تهدف لكبح جماح العشرات من الدول الاخرى التي تريد الحصول على تكنولوجيا نووية.