اعترف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أيه جورج تينيت بأن الأخطاء التي ارتكبت جعلت الولاياتالمتحدة من دون حماية حقيقية في المرحلة التي سبقت هجمات 11 أيلول سبتمبر، وأوضح أن هذا الواقع لا يزال قائماً حتى اليوم في ظل افتقاد هيكليات أجهزة الاستخبارات الحالية للجاهزية اللوجستية والتكنولوجية المناسبة. وبدورها، أكدت لجنة التحقيق عبر وثيقة خاصة بتينيت نفسه، أن البلاد كانت "في حال لا حرب" مع "القاعدة" قبل الهجمات، في وقت نفى الرئيس بوش هذا الواقع. أكدت الشهادة التي أدلى بها مدير ال"سي آي أيه" جورج تينيت أمام لجنة التحقيق في هجمات 11 أيلول 2001 أمس، على ارتكاب أجهزة الاستخبارات الأميركية أخطاء في التعامل مع الخطر المحدق من جانب تنظيم "القاعدة". وجاء ذلك بعدما كان وزير العدل جون آشكروفت عزا التقصير الأمني إلى الصراع السياسي بين الجمهوريين والديموقراطيين، باتهامه في اليوم الأول من الجلسات أول من أمس إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون ب"التغاضي" عن الإرهاب نحو عشرة أعوام قبل الهجمات، ورفضه بقوة بالتالي الانتقادات الموجهة إلى إدارة الرئيس جورج بوش وإليه شخصياً. وأوضح تينيت أمس، أنه على رغم الاستراتيجية الجيدة لل"سي آي أيه" والاستثمارات المثالية التي ارتكز عملها عليها، فإنها لم تتمكن من كشف المؤامرات التي أدت إلى 11 أيلول. ولم يتردد تينيت في الإشارة إلى حاجة البلاد حالياً إلى خمسة أعوام على الأقل، لإنشاء وكالة استخبارات جديدة وفاعلة تعالج الثغرات التي واجهت عمل الأجهزة قبل 11 أيلول والتي لا تزال قائمة حالياً في ظل افتقاد هيكلياتها الجاهزية اللوجيستية والتكنولوجية المناسبة. ورد رئيس لجنة التحقيق توماس كين أن الولاياتالمتحدة ربما لا تملك الوقت الكافي لانتظار إنشاء وكالة جديدة في ظل زيادة مخاطر العمليات الإرهابية المحتملة ضدها حالياً. ويمكن القول إن شهادة تينيت أخرجت لجنة 11 أيلول ولو موقتاً من النفق المظلم الذي يمكن أن ينتج من الصراع السياسي الضمني بين الجمهوريين والديموقراطيين في الجلسات، ما يحجب الرؤية الواضحة عن تفاصيل التقرير النهائي الذي سيطلع الشعب الأميركي على نتائج التحقيق في تموز يوليو المقبل. وكانت لجنة التحقيق مهدت لشهادة تينيت بتقرير تضمن وثيقة أرسلها الأخير إلى رؤساء وكالات الاستخبارات المختلفة في 8 كانون الأول ديسمبر 1998، وتضمن قوله الصريح أن البلاد في حالة حرب "وأريد استنفار الجهود كلها سواء داخل الأجهزة أو حتى المجتمع في مساندة عملية تأمين مصادر المعلومات التي توفر الحماية الداخلية المناسبة". واستغربت اللجنة عدم اطلاع أي من قادة أجهزة الاستخبارات على هذه الوثيقة حتى ما بعد 11 أيلول، ما أنتج رد الفعل المحدود عليها، "وصولاً إلى جعل الولاياتالمتحدة من دون حماية حقيقية في المرحلة التي سبقت الاعتداءات، كما صرح تينيت نفسه". ولعل مضمون المذكرة التي أرسلها تينيت عام 1998 ناقض تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش في المؤتمر الصحافي الذي عقده عشية هذه الجلسة وتناول فيه كل مواضيع الساعة، وقول بوش إن الولاياتالمتحدة لم تكن في حال حرب مع تنظيم "القاعدة"، بخلاف موقف التنظيم "ما يجعل أسامة بن لادن المسؤول عن الاعتداءات".