رأى مراقبون في اسرائيل ان وراء قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون تبكير موعد الاستفتاء حول خطته للانسحاب الاحادي من غزة، لدى اعضاء حزبه ليكود المئتي ألف الى أواخر الشهر الجاري دافعين رئيسيين أولهما محاولته قطع الطريق على معارضي الخطة بعدم منحهم وقتاً كافياً ثم استباق القرار الذي سيتخذه المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز في ملف الفساد المنسوب لشارون. فاجأ ارييل شارون الحلبة السياسية أول من أمس بقراره التعجيل في اجراء الاستفتاء على خطته وتقديمه بأسبوعين، واعتبره معارضوه "مناورة" تستهدف عدم تمكينهم من الوصول، خلال فترة قصيرة، الى أعضاء ليكود ال200 ألف بعد أن شعر ان بمقدورهم التأثير على الأعضاء واقناعهم بمعارضة الخطة التي تحظى، وفقاً لاستطلاع للرأي، بغالبية 55 في المئة ومعارضة نحو 40 في المئة وهو فارق ضئيل بنظر شارون لم يستبعد القريبون منه أن يتقلص أكثر. وكتبت صحيفة "هآرتس" ان شارون، الذي يأمل بالحصول على "مردود سياسي" ملائم من واشنطن التي يزورها الاسبوع المقبل يقنع به بعض المعارضين لخطته بتعديل موقفهم، يعتزم القيام بسلسلة خطوات متتالية تبدأ بالاستفتاء، في 28 نيسان ابريل كما يبدو ثم إقرار الخطة في حكومته، وبعدئذ تشكيل حكومة جديدة يحل فيها حزب العمل محل الحزبين اليمينيين المتطرفين اللذين سينسحبان من الحكومة الحالية فور إقرارها الخطة. وتابعت ان رئيس الوزراء يريد الانتهاء من هذه الخطوات حتى الثالث من أيار مايو المقبل موعد افتتاح البرلمان الاسرائيلي الكنيست دورته الصيفية، لتنال حكومته الجديدة ثقته ثم يقر البرلمان الخطة. وأشارت الصحيفة الى انه في حال نجح شارون في مخططه هذا فإن المستشار القضائي للحكومة سيواجه صعوبة جدية "من الناحية النفسية" في اتخاذ قرار بتقديم شارون الى المحكمة بتهمة تلقي الرشوة في القضية المعروفة ب"الجزيرة اليونانية" بعد أن يكون "استكمل خطوات دراماتيكية، سياسية وديبلوماسية". ونقلت صحيفة "معاريف" عن أوساط قريبة من شارون انه أراد من تبكير موعد الاستفتاء ان يتزامن مع عودته من واشنطن "حاملاً سلة من الضمانات والمقابل" يقنع بها المعارضين أو المترددين بدعم الخطة ولا يمنح الفرصة لقادة الحملة لمناهضتها للتأثير على الرأي العام. لكن الصحيفة تضيف ان لا بشائر طيبة من واشنطن، وان الادارة الاميركية لن تتنازل عن طلبها من اسرائيل تنفيذ التزاماتها "التاريخية" كافة وفي مقدمها تجميد الاستيطان ومنح تسهيلات للفلسطينيين وحرية الحركة لكبار مسؤوليهم. وزادت ان واشنطن لا تخفي استياءها من عدم ايفاء شارون بالتزامه ازالة البؤر الاستيطانية العشوائية. ووفقاً للصحيفة فإن الادارة الاميركية "لم تزود البضاعة" التي كانت ترجوها اسرائيل وان البيان المشترك الذي سيصدر عن لقاء الرئيس الاميركي جورج بوش وشارون لن يتضمن رفضاً اميركياً لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين انما سيتحدث فقط عن ان حل المشكلة سيكون في اطار الدولة الفلسطينية. وقالت ان واشنطن لم توافق بعد على المسار الحالي للجدار الفاصل، الذي رأى فيه وزير المال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو شرطاً لتأييد خطة الفصل. من جهته، اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الاستيطان في قطاع غزة خطأ. وقال ان الانسحاب من مستوطنات فيه كان ينبغي أن يبدأ مع التوقيع على اتفاقات أوسلو. وزاد في حديث لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان الانسحاب من القطاع، باستثناء الشريط الحدودي الفلسطيني المصري، سيبلور وضعاً أمنياً جديداً ويفيد اسرائيل سياسياً "فضلاً عن انه سيعزز الاستيطان اليهودي في النقب وفي التجمعات السكانية الكبرى في الضفة الغربية المستوطنات اليهودية وفي النقب. ورأى في ابقاء الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المقامة عليها هذه الكتل الاستيطانية "خطاً أحمر" تماماً مثل القدس "الموحدة" ومنع عودة أي لاجئ فلسطيني الى بيته، داخل حدود اسرائيل. وقال انه يتحتم ايضاً مواصلة السيطرة على غور الأردن في العقود القريبة! وأضاف ان اسرائيل تعمل من أجل ضمان ثلاثة شروط رئيسة: حدود آمنة وعمق استراتيجي وغالبية يهودية "على ان تسعى الى الوصول الى وضع لا تسيطر فيه على شعب آخر". وكرر موفاز موقفه الداعي الى ترحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بداعي انه ما زال يشكل عقبة في الطريق لايجاد زعيم بديل.