حذرت السلطة الفلسطينية من ان الدولة العبرية ستدفع ثمن المذبحة التي ارتكبتها في مخيمي النصيرات والبريج للاجئين وأسفرت عن استشهاد 14 فلسطينيا. وفي الوقت الذي وصف رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية موشيه يعالون المجزرة بأنها عملية تمشيط بحثاً عن "ارهابيين"، قال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات ان السلطة ستطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الامن لمناقشة المجزرة وفرض عقوبات على الحكومة الاسرائيلية. من جهتها، توعدت فصائل المقاومة الفلسطينية برد موجع وقاسٍ على المذبحة. وأشارت الاجنحة المسلحة لفصائل المقاومة في بيانات اصدرتها في اعقاب المجزرة الى ان مجموعاتها فجرت عددا من الآليات العسكرية الاسرائيلية، متوعدة بالرد على المذبحة البشعة. اعلن نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات في اعقاب المذبحة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في مخيمي النصيرات والبريج للاجئين وسط قطاع غزة فجر امس ان السلطة الفلسطينية ستتوجه "الى مجلس الامن مع المجموعة العربية ومجموعة عدم الانحياز لعقد جلسة طارئة لمناقشة هذه المجزرة وفرض عقوبات على الحكومة الاسرائيلية". وحذر من ان "اسرائيل ستدفع ثمن هذا التصعيد، ولن تصل الى أي من الحلول التي تحاول فرضها على الفلسطينيين". وكانت قوات الاحتلال توغلت في اطراف مخيمي النصيرات والبريج اللذين يبعدان نحو ثلاثة كيلومترات عن مستوطنة "نتساريم" جنوب مدينة غزة. وبدأت الدبابات والآليات العسكرية بالتوغل في المنطقة فجراً بعد قليل من تسلل "وحدات خاصة" اسرائيلية اليها، انكشف أمرها أمام مقاومين فلسطينيين كانوا على ما يبدو يقومون بمهمة حراسة اعتيادية. "دروع بشرية"... وشهداء "الاباتشي" وقالت مصادر محلية ل"الحياة" ان قوات الاحتلال استخدمت عدداً من المواطنين "دروعاً بشرية" في اقتحام ثلاثة منازل بغية اعتلاء اسطحها وتحويلها الى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة اثناء العملية. وأضافت ان خمسة فقط من الشهداء سقطوا برصاص قوات الاحتلال قبل ان تتدخل طائرات مروحية من نوع "اباتشي" الاميركية الصنع التي شرعت في اطلاق النار في كل اتجاه وكل شيء متحرك، ما رفع عدد الشهداء الى 14 شهيداً ونحو 85 جريحاً. وشددت مصادر فلسطينية مختلفة على انه ليس من هدف واضح ومحدد للعملية سوى ارتكاب عمليات القتل، لافتة الى ان قوات الاحتلال لم تجر أي عمليات دهم أو تفتيش في منازل المخيمين للبحث عن "مطلوبين" أو مطلقي قذائف الهاون كما ادعت مصادر عسكرية اسرائيلية، بل اكتفت باطلاق النار في كل مكان واتجاه قبل ان تنسحب بعد أكثر من خمس ساعات. وجاءت العملية قبل ساعات قليلة من وصول رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية الجنرال موشيه يعالون الى معبر بيت حانون ايرز شمال قطاع غزة صباح امس، وبعد اقل من 24 ساعة من احباط عملية فدائية ثلاثية في المعبر نفسه صباح اول من امس. والمجزرة هي ثاني اكبر مجزرة ترتكبها قوات الاحتلال في القطاع بعد اعلان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون خطته لسحب الجيش الاسرائيلي وتفكيك نحو 17 مستوطنة من القطاع قبل نحو 40 يوما. وكانت قوات الاحتلال ارتكبت قبل اكثر من ثلاثة اسابيع مجزرة في حي الشجاعية في مدينة غزة راح ضحيتها 12 شهيدا. وبرر يعالون العملية بأن قواته "تقوم بعملية تمشيط ضد الارهابيين في مخيم البريج للاجئين"، مشددا على "اننا نعتزم اطلاق عمليات هجومية اخرى في يهودا والسامرة الضفة الغربية وقطاع غزة، طالما أن الارهابيين يواصلون هجماتهم". ولم يستبعد في حديث للصحافيين في معبر "ايرز" ما وصفه ب"تزايد الهجمات الارهابية" مرتبطا بخطة "فك الارتباط" مع الفلسطينيين. وفي السياق نفسه، بثت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان المسؤولين العسكريين تلقوا تعليمات "بالقضاء على اكبر عدد ممكن من الارهابيين" قبل البدء بتطبيق خطة "فك الارتباط". واعتبر الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية آفي بازنر أن "العملية في البريج وقائية، تهدف الى منع وقوع اعتداءات مناهضة للاسرائيليين، انطلاقا من هذا المخيم الذي بات مركزا للارهاب". واضاف: "هدفنا خفض عدد الاعتداءات الى اقصى حد ممكن، من خلال احباطها قبل وقوعها". السلطة: المجزرة هجوم وحشي اجرامي من جهتها، دانت القيادة والحكومة الفلسطينيتين المذبحة، ووصفتها بأنها "هجوم وحشي واجرامي". وقالت في بيان بثته وكالة الانباء الرسمية "وفا" ان "شارون وحكومته يرتكبان اليوم الاحد هذه المجزرة التي لا تقل في وحشيتها عن جرائمهما العنصرية ضد جماهير شعبنا في كل مكان داخل الوطن وخارجه". وطالبت "مجلس الامن ولجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية لشعبنا ومواطنينا ولاجئينا أمام حرب الابادة والمجازر والاجتياحات العسكرية بالدبابات والمجنزرات والسيارات المصفحة والتغطية الجوية من طائرات اف15 واف - 16 والمروحيات". ودانت الحكومة الفلسطينية المذبحة، واعتبرتها "تعبيرا عن توجه الحكومة الاسرائيلية الى التصعيد واعتماد منطق القتل والقمع والتدمير كرد مباشر على قيام مؤسسات منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية والمجلس التشريعي والمجلس الثوري لحركة فتح بالمطالبة بوقف متبادل لاطلاق النار والعودة الى تطبيق خطة خريطة الطريق". ورأت الحكومة في بيان بثته وكالة "وفا" ان "هذا التصعيد الخطير يأتي كمقدمة لفرض حلول منفردة من الجيش الاسرائيلي، التي حذرت الحكومة الفلسطينية مرارا من عواقبها على المنطقة". وشددت على "عقم التوجه الاسرائيلي بفرض الحلول من جانب واحد عبر استخدام القوة العسكرية الغاشمة". وقالت الحكومة انها تلاحظ "غياب اي تدخل يذكر من اللجنة الرباعية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة لوقف مسلسل الاعتداءات وتوفير الحماية المطلوبة لابناء شعبنا". "حماس": المجزرة لن تمر دون عقاب الى ذلك، اعلنت "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس ان قائدا سياسيا في الحركة هو حسن أحمد زهد 44 عاما وثمانية من كوادرها استشهدوا في المذبحة، اضافة الى احد كوادر لجان المقاومة الشعبية العسكريين وثلاثة اطفال. ودعت الحركة الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي الى عقد اجتماع عاجل لدرس التصعيد، مؤكدة ان المجزرة "لن تمر دون عقاب". وقال احد قياديي الحركة اسماعيل ابو هنية لوكالة "فرانس برس": "يجب ان تتحمل الاسرة العربية والاسلامية مسؤوليتها الكاملة لمواجهة هذا العدوان الصهيوني ولدعم الشعب الفلسطيني وصموده وحمايته"، مشددا على ان "هذا الشعب لن يفرط بدماء الشهداء وهذه المجازر لن تمر دون عقاب". الشهداء ال 14 من جانبها، اعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اسماء الشهداء وهم: شادي السعيدني 24 عاما، وفارس الحواجري 28 عاما، ومحمد الشطلي 22 عاما، ومحمد بدوي 14 عاما، وموسى حمو 23 عاما، وهم جميعا من مخيم البريج، واحمد حرب 22 عاما ويوسف السنوار25 عاما، وعمر الجمل 18 عاما، وخالد الحزوقي 22 عاما وحسن زهد 44 عاما، وحازم عقل 20 عاما، ومحمد أبو زريق 22 عاما، وهيثم العيسوي 16 عاما، والطفل محمود يونس 11 عاما، وهم جميعا من مخيم النصيرات.