حسم "الثلثاء الكبير" مبكراً ترشيح جون كيري الى الرئاسة عن الحزب الديموقراطي ليتحدى الرئيس جورج بوش في ما يرجح ان تكون أطول وأعنف مواجهة انتخابية بين نقيضين في تاريخ الولاياتالمتحدة. راجع ص 8 واجرى بوش اتصالا هاتفيا مع كيري ليهنئه بالفوز حتى قبل ان تغلق صناديق الاقتراع وتعلن النتائج النهائية التي اظهرت ان كيري حصد تسع ولايات، فيما فاز المرشح المنسحب هوارد دين في ولاية فيرمونت، مسقط رأسه، في ما اعتبر تحذيراً الى كيري من غلاة الحزب الديموقراطي الذين يتخوفون من ان يتخلى مرشحهم عن مواقفه الليبرالية بعد فوزه بالترشيح في سبيل استقطاب أصوات المعتدلين والمستقلين. واعلن جون ادواردز انسحابه من السباق بعد فشله في الفوز بأي من الولايات العشر، وسط تكهنات بأن يضمه كيري الى فريقه كمرشح الى منصب نائب الرئيس. وتمثل المواجهة بين بوش المحافظ وكيري الليبرالي مواجهة بين مدرستين متناقضتين وسط أجواء استقطاب فرضتها الادارة الجمهورية عبر أكثر من ثلاث سنوات من الحكم، ما قسم البلاد بين الحزبين الرئيسيين في شكل لم يترك مكاناً للمعتدلين. وستتركز المواجهة بين الرجلين على مختلف القضايا الاساسية المطروحة بما فيها كيفية ادارة الحربين في العراق وافغانستان ونتائجهما، والحرب على الارهاب وعلاقات اميركا الديبلوماسية مع العالم وادارة الاقتصاد وقضايا اجتماعية مثل مسألة الاجهاض وحقوق المثليين وحق حمل السلاح وعقوبة الإعدام. وعلى الصعيد الشخصي، يتناقض بوش، رجل النفط السابق من ولاية تكساس المحافظة، مع ابن الديبلوماسي النخبوي من ولاية ماساتشوستس الليبرالية. وسيعمل التناقض في الشخصيتين على فرض مواجهة انتخابية مثيرة قد تأخذ أبعاداً شخصية ايضا. واجمع معلقون جمهوريون امس على ان بوش بدا خلال الشهرين الماضيين غير متمكن من نفسه في سياق حملة الديموقراطيين الانتخابية، على خلفية المشاكل في العراق والوضع الاقتصادي والموازنة والمعلومات الاستخبااترية المضللة. وفيما سيكون حكم الناخبين على بوش من خلال أدائه في البيت الابيض، سيتخذون قرارهم إزاء كيري وفق برنامجه الانتخابي. وسيركز بوش على انه الرئيس الذي قاد الولاياتالمتحدة في حال حرب ضربت البلاد في 11 ايلول سبتمبر 2001، وانه الأقدر على قيادة البلاد وسط تهديدات للأمن القومي تتمثل باستمرار الحرب على الارهاب وضرورة انجاز المهمة في كل من العراق وافغانستان قبل سحب القوات الاميركية. وسيستخدم خبرته في هذا المجال للمقارنة مع كيري الذي يحمل سجلاً تناقضت فيه مواقفه السياسية مع تصويته في مجلس الشيوخ. إذ صوت كيري الى جانب الحرب لتحرير الكويت العام 1991، كما صوت لإعطاء بوش صلاحيات لشن الحرب على العراق العام الماضي، قبل ان يعود ويعارض الحرب ويرفض تأييد قرار تخصيص مبلغ 87 بليون دولار لتمويل العمليات العسكرية في العراق وافغانستان ومشروع اعادة اعمار العراق. في المقابل، يتوقع ان يركز كيري على ان بوش "ورط" اميركا في حرب غير مبررة، مستخدماً معلومات استخباراتية مضللة، مما تسبب بمقتل ما يزيد على 500 اميركي وجرح اكثر من الفين، فضلا عن الكلفة العالية للحرب، في الوقت الذي خسر الاميركيون اكثر من مليوني وظيفة في عهد الادارة الجمهورية. ويتوقع المراقبون ان تبقى نتائج استطلاعات الرأي لمدى التأييد لكل من بوش وكيري متقاربة حتى يوم الانتخابات ما لم يرتكب أحدهما خطأ فادحاً بسبب الانقسام الحاد بين الجمهوريين والديموقراطيين.