حسم الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس، مصير الحكومة ورئيسها جان بيار رافاران، وأعاد تكليف الأخير تشكيل حكومة جديدة، على رغم تكهنات سابقة باحتمال الاستغناء عنه بسبب النتائج البائسة التي احرزها اليمين الحاكم في الانتخابات الإقليمية. وأعلن قصر الإليزيه في بيان له ان "رئيس الوزراء جان بيار رافاران قدم استقالة حكومته الى رئيس الجمهورية الذي قبلها"، وطلب من رافاران تشكيل حكومة جديدة. ووضع هذا البيان حداً للتوقعات والسيناريوهات المتضاربة التي ظهرت غداة صدور نتائج الانتخابات الإقليمية، كما وضع حداً للأصوات التي ارتفعت في اوساط اليسار وأيضاً اليمين، مطالبة بإبعاد رافاران عن الحكم بعد انهيار شعبيته الى ادنى المستويات. وأثار قرار تمديد وجود رافاران على رأس الحكومة تعليقات قاسية من قبل مسؤولي اليسار الفرنسي الذين اتهموا شيراك بتجاهل نتائج الانتخابات. وبررت اوساط الرئاسة الفرنسية قرار شيراك بالقول ان ليس هناك ما يلزمه دستورياً بالتخلي عن رئيس حكومته بعد انتخابات اقليمية. لكن هذا القرار مرده اساساً الى كون شيراك مدرك للصعوبات البالغة التي سيواجهها اي رئيس حكومة فرنسي خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً في ظل عزمه على المضي في اصلاح الأوضاع المالية والاقتصادية عموماً ووضع خطة لتصحيح اوضاع الضمان الصحي والاجتماعي تحديداً، نظراً الى العجز المتراكم في موازنته. وهناك ايضاً الاستحقاق الممتد بالانتخابات الأوروبية في حزيران يونيو المقبل والتي غالباً ما لا تكون نتائجها ايجابية بالنسبة الى اي حكومة. ولهذين الاعتبارين فضّل شيراك الإبقاء على رافاران "المحروق" اصلاً، وعدم تعريض سواه من رموز اليمين لخطر السقوط في غضون الشهرين المقبلين. وفي الوقت نفسه، تمكن شيراك من استبعاد أكره الخيارات لديه الذي بدا شبه حتمي في حال تخليه عن رافاران، وهو الشراكة في الحكم مع وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الذي طالما طرح نفسه على انه افضل البدائل لرئيس الحكومة ولشيراك نفسه.