يتوجه الناخبون في فرنسا الى صناديق الاقتراع غداً الأحد، للمشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات الاقليمية والمحلية، وسط هاجس مسلط على الحكم والمعارضة على حد سواء، ومرده نسبة الامتناع عن التصويت المرتفعة، التي يتوقع ان تواكبها. وأظهر معظم استطلاعات الرأي عدم اكتراث عام بهذا الاستحقاق الانتخابي الذي يهدف الى تجديد اعضاء المجالس الاقليمية البالغ عددهم 1829 عضواً وأعضاء المجالس المحلية البالغ عددهم 2029 عضواً، وذلك على رغم أهمية الدور الذي تلعبه هذه المجالس على الصعيد الثقافي والسياسي والدراسي، وأيضاً على صعيد النقل والتوجه الاقتصادي للأقاليم والمناطق. كما تفيد الاستطلاعات بأن نسبة مرتفعة من الناخبين المهتمين بهذه الانتخابات تعتزم استخدامها للادلاء بتصويت عقابي حيال الحكومة الفرنسية، من دون ان يعود ذلك بالفائدة على المعارضة اليسارية وتحديداً على الحزب الاشتراكي المعارض. ويتوقع ان يحكم الاقتراع نوع البعثرة نفسها التي حكمت الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة عام 2002، عندما اختار الناخبون اعطاء أصواتهم لقوى التطرف اليميني مما أتاح لزعيم الجبهة الوطنية جان ماري لوبن منافسة الرئيس جاك شيراك على الرئاسة في الدورة الثانية، وأتاح لقوى اليسار المتطرف ان تثبت مواقعها في مواجهة اليسار. وفيما كانت نقمة الناخبين في انتخابات الرئاسة سنة 2002 نابعة من تدهور الأوضاع الأمنية على صعيد البلاد، فإن نقمتهم حالياً مردها الى الحال الاقتصادية والى سلسلة الاصلاحات التي تعمل حكومة جان بيار رافاران على تحقيقها، للتخفيف من وطأة الدين العام والذي يقابل باستياء بالغ في أوساط مهنية متعددة. وجاءت التهديدات الصادرة عن منظمة "اي زد اف" المجهولة والتهديدات التي وجهتها مجموعة اخرى مجهولة على صلة بالشيشان، بعد تفجيرات مدريد، لتزيد من الاضطراب في أوساط الناخبين ولتضفي المزيد من الزعزعة على ثقتهم بمسؤوليهم. ونتيجة لهذه العناصر المجتمعة، يتخوف اليمين الحاكم مثله مثل اليسار الاشتراكي، من ان يتمكن اليمين المتطرف من تحقيق اختراق ملموس للمجالس الاقليمية، وهو ما تدركه الجبهة الوطنية التي أكدت على لسان أمينها العام كارل لانغ، ان الانتخابات الاقليمية والمحلية ستشكل تحذيراً جديداً يوجهه الناخبون الى الطبقة السياسية. وتسعى الحكومة الفرنسية من جانبها الى تطويق سجالين خيما على الحملة الانتخابية: الأول مرده اعتبار المعارضة ان نتائج الانتخابات ستشكل نوعاً من الاستفتاء على شعبية اليمين الحاكم، مما يلزم رئيس الحكومة جان بيار رافاران باستخلاص النتائج التي ستترتب عليها، وهو ما أصر الأخير على نفيه مراراً، مؤكداً ان الاستحقاق المقبل مبني على اعتبارات محلية ومناطقية ولا مغزى لها وطنياً. أما السجال الثاني فموضوعه ايضاً رافاران، وتناول السرعة غير المعهودة التي اعتمدت بطلب منه، عندما كشف عن التهديد الصادر عن المجموعة الشيشانية، واعتبر البعض هدفه التأثير في نتائج الانتخابات، بطريقة معاكسة لتلك التي اعتمدها رئيس وزراء اسبانيا السابق خوسيه ماريا اثنار عشية الانتخابات العامة الاسبانية، من خلال اصراره على توجيه أصابع الاتهام الى انفصاليي الباسك فور وقوع التفجيرات في مدريد.