يتصرف أركان "لقاء قرنة شهوان" المعارض وكأنهم باتوا الآن أقرب الى اعلان الطلاق مع "التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون، الا اذا حصلت مفاجأة من شأنها دفع المعارضة الى خوض الانتخابات البلدية والاختيارية على لوائح موحدة في جبل لبنان، وإصدار بيان سياسي موحد تحدد فيه العناوين الرئيسة للمعركة وأهدافها، خصوصاً ان مسودة البيان المشترك كانت نوقشت في اجتماعاتها في السوديكو وأشبعت درساً ولم ينقصها سوى الاحتفال باذاعتها في لقاء يجمع كل المعارضين. يجد عدد من أركان "لقاء قرنة شهوان" صعوبة في شرح الاسباب التي لا تزال تحول دون توحيد المعارضة في جبهة بلدية موحدة تخوض من خلالها الانتخابات في جبل لبنان، او في تبيان اسباب الخلل الذي يمنع توافقهم مع "العونيين" على رغم ان نائبي "اللقاء" فارس سعيد ومنصور غانم البون كانا زارا اخيراً باريس والتقيا العماد عون وعادا الى بيروت بانطباع ان المعارضة ستتوحد وان لا مصلحة لأي طرف في انقسامها على نفسها. وفي معلومات "الحياة" ان سعيد والبون وضعا "لقاء القرنة" في اجواء زيارتهما الايجابية لباريس وأخذا يتعاطيان على ان التوافق حاصل وان ليس هناك من يتحمل التداعيات السياسية التي يمكن ان تترتب على انقسام المعارضة. وبحسب المعلومات المتوافرة من مصادر قرنة شهوان والعونيين على السواء، فإن لجنة مشتركة تمثل الطرفين باشرت اجتماعاتها التحضيرية في مقر حزب الوطنيين الاحرار في السوديكو، وأقرت في نهاية المطاف النقاط الرئيسة للبيان المشترك الذي سيصدر عنها، بعد موافقة العماد عون الذي كان التقى لاحقاً عضو "القرنة" غبريال المر ونقل عنه استعداده للتعاون. لكن "لقاء القرنة" فوجئ بمبادرة عون الى الاعلان عن تحالفه في البلديات في قضاءي جبيل وكسروان - الفتوح مع عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده الذي كان استقل عن اللقاء واتخذ قراره بتجميد عضويته فيه. ولما سئل "الجنرال" عن السبب، اجاب بأن اتفاقه مع اده سبق استقباله النائبين سعيد والبون وبالتالي لم يعد في مقدوره التراجع عنه. وهكذا اطاح عون مشروع اتفاقه مع "لقاء القرنة" في جبيل، ثم نقل التجربة، اي تحالفه مع الكتلة الوطنية، الى قضاء كسروان - الفتوح بذريعة انه لا ينخرط في تحالف بلدي يكون طرفاً فيه الوزير السابق النائب جورج افرام. وكان الأخير وصف في تصريح له محازبي "التيار" ب"الزعران". وقال عون انه يشترط عليه الاعتذار علناً على كلامه هذا على رغم انه لم يصدر اي كلام في هذا المعنى عن افرام. في ضوء هذه الوقائع، اتخذ "لقاء القرنة" قراراً يقضي بالتمسك بالتحالف مع "العونيين" وعدم المبادرة مهما كانت الاسباب والدوافع الى القيام بأي خطوة ينم عنها ان "اللقاء" ليس في وارد التحالف مع "التيار الوطني". كما سعى "اللقاء" الى اعادة الاعتبار للاجتماعات التحضيرية، وأخذ يروج لاحتمال التوصل الى اصدار بيان مشترك بعدما وافق "التيار الوطني" على بنوده الرئيسة، وفي مقدمها: وحدة المعارضة في خوض معركة البلديات، الحفاظ على العيش المشترك بين اللبنانيين، عدم تركيب تحالفات منفردة تمليها الخصوصيات التي يتمتع بها بعض المناطق قبل العودة الى الطرفين. وفي محاولة لاحراج عون، حددت اللجنة التحضيرية الموعد تلو الآخر للاعلان عن الوثيقة الخاصة بالتحالف البلدي، خصوصاً انه لم يعد من مبرر لتأجيلها، بعد عودة المطران يوسف بشارة من الخارج، الا انها فوجئت بتركيب "العونيين" تحالفات في معظم المناطق الجبلية وأخذوا يروّجون عن وجود نية لديهم للتعاون مع "حزب الله" في الضاحية الجنوبية وتحديداً في حارة حريك، والمريجة - الليلكي، ومع صهر نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر، الرئيس الحالي لبلدية الشياح موني غاريوس، وان لا مانع عندهم من تبادل الاصوات مع الحزب السوري القومي الاجتماعي في المتن الشمالي، اضافة الى انهم يدرسون احتمال الائتلاف مع نائب كسروان فريد الخازن ضد تحالف افرام - البون شرط ألا يكون في عداد اللائحة المشتركة اسماء مرشحين مقربين من السلطة. ولم يكتف التيار المؤيد لعون بهذا الحجم من التسريبات عن استعداد الاخير لصوغ تحالفات منفردة، اذ بادر اخيراً الى الحديث عن احتمال توسيع التعاون مع القوميين في الحدث، في وقت امتنع انصاره في سد البوشرية - الجديدة عن توجيه دعوة لرئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل ونجله النائب بيار الجميل لحضور حفل الغداء البلدي الذي اقامه "التيار" في هذه المنطقة. وعلمت "الحياة" ان اعضاء في "قرنة شهوان" فشلوا في اقناع "العونيين" بدعوة الرئيس الجميّل وابنه الى الحفل الانتخابي في المتن الشمالي، ولم يكن في وسعهم معرفة الأسباب الحقيقية لاستبعادهما سوى ما يتردد في مجالسهم الضيقة من ان "الجنرال" لا يبدي حماسة للتحالف مع القاعدة الكتائبية بقيادة الجميّل او حركة التجدد الديموقراطي التي يتزعمها النائب نسيب لحود، وان الدافع الرئيس يعود الى عدم تأييدهما مرشح "التيار" حكمت ديب في الانتخابات النيابية الفرعية في دائرة عاليه - بعبدا، وان الظروف باتت مواتية بحسب اعتقاد شخصيات في "لقاء القرنة" للثأر منهما في البلديات على خلفية موقفهما، وذلك في سياق خطة لإلغاء كل الآخرين في المعارضة. وسألت "الحياة" اركاناً في "القرنة" عن الاشارات الانقلابية في التحالفات البلدية التي يروج لها انصار عون، لكنهم تجنبوا الدخول في التفاصيل مكتفين بالقول انهم يصرون على التعاون في البلديات وبالتالي لن يبادروا الى اقفال الباب في وجه المحاولات الجارية في اللحظة الاخيرة لانقاذ المعارضة من التشرذم الذي ينتظرها. وأكد هؤلاء ان عون يتبع معهم "سياسة غير مفهومة وأقل ما يقال فيها انها نابعة من حسابات خاصة ولأهداف نحاول تبيانها لاحقاً، لكننا على اصراره على "تدفيشنا" لن نبادر الى اطلاق رصاصة الرحمة على رغم التحالف الموعود، وسنترك للرأي العام المسيحي ان يحكم في النهاية على من يفرّط بوحدة موقف المعارضة التي قد تتفرع منها "معارضات" في حال أصر على عناده". ولفتوا الى انهم "يحرصون على ان يقدموا انفسهم للشارع المسيحي وكأنهم ضحايا اصرار عون على التفريط بوحدة المعارضة"، معتبرين انهم بموقفهم هذا يكسبون دعم المحازبين وعطفهم الذي يتيح لهم تسجيل اختراق في القاعدة العونية التي لا بد من ان تلتفت الى "الجنرال" لسؤاله عن سبب رفضه التعاون مع المعارضين الآخرين. وأوضحوا انهم باتوا على قناعة بأن "ما يهم عون تسجيل رقم انتخابي في جبل لبنان، ضد المعارضة المتمثلة بلقاء قرنة شهوان اسوة بالرقم الذي سجله في الانتخابات النيابية الفرعية في بعبدا محتفظاً لنفسه بالتحالف مع بعض الرموز في داخل القرنة ممن تحالف معهم في النيابة". ولم يستبعد هؤلاء ان يكون عون "خطط للاطاحة بالمعارضة التي تتعارض واياه في امور سياسية اساسية قبل ان يفكر في تسجيل انتصار ضد ابرز رموز السلطة". وعزوا السبب الى "ان "الجنرال" اعتاد اتباع سياسة تقوم على انه المعارض الاول"، وان "لا مجال امام الآخرين سوى الصعود الى القاطرة التي يقودها بنفسه من دون ان يحق لهم السؤال عن الجهة التي سيصل اليها". وبكلام آخر، يتصرف عون مع المعارضة على ان الامر له، وان على الآخرين الموافقة على تلزيمه التيار المعارض، وانما كقوى ناخبة لا يشركها في القرار، وانه يعود له تركيب تحالفات مستقلة عن "لقاء القرنة" في هذه المنطقة او تلك، تشبهاً بما يفعله رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون في تعاونه في الشوف مع رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط. وفي الختام، يفترض ان يواجه عون مأزقاً انتخابياً في المتن الشمالي في حال اصر على عدم التعاون مع الجميل ولحود، وهذا ما يراهن عليه اركان "القرنة" الذين يعتقدون بأن لا مفر امامه لمواجهة تيار ميشال المر الا باعادة الاعتبار الى التحالف، خوفاً من ان يحمَّل وحده مسؤولية "ذبح" المعارضة في منطقة حساسة مثل المتن. وهذا ما يفسر رغبة "القرنة" في التواصل مع "العونيين" ولو من طرف واحد لتصوير نفسها على انها ضحية تفرد عون في القرار.