يمثّل الاسلام في شرق وجنوب شرقي آسيا حوالى الستين في المئة من مجموع المسلمين في العالم، فضلاً عن انه يختزن كبرى الامكانات والمشكلات. وقد دار طوال السنوات الماضية صراع عليه، يبدو الآن على الاقل، انه حسم لصالح الاستقرار والنهوض الاقتصادي والليبرالية السياسية. على ان هذه التفاؤلية التي يظهرها كتّاب صفحة التراث تجاه جيوسياسية هذا الاسلام، تستدعي من جهة اخرى عدم التسرع. فاسلام الاكثريات الكبرى في شرق وجنوب شرقي آسيا، هو ايضاً اسلام الاقليات الكبرى والصغرى بالهند والصين والفيليبين وتايلاند وميانمار وصولاً من الناحية الاخرى الى روسيا والقوقاز. وقد مضى زمن كانت فيه هذه المشكلات معتبرة مشكلات قومية، لكن مع صعود الهوية الاسلامية ومسائل الطهورية والخصوصية، جرى التحول الى اعتبار تلك المشكلات مشكلات دينية، وتلك الحركات حركات انقسامية، لا تخضع لآليات وحقوق تقرير المصير. وتحت وطأة "الحرب على الارهاب" انفجر صراع الاقليات الاسلامية الممتد ما بين كشمير والقوقاز والبلقان. اسلام شرق وجنوب شرقي آسيا بين افقين او حدين اليوم: حد او افق النمو والاستقرار والانضمام كلياً للنهوض الآسيوي والنمور الآسيوية، وحد او حائط الاصولية وثورات الاقليات، وضعف بنى الدولة. وبين هذين الحدين او التحديين ينبسط المشهد الشاسع والهائل للاسلام الآسيوي.