تشير حوادث الخطف المتزايدة في العراق الىخوف العائلات التي تزيد تذمر السكان مما آلت إليه حياتهم حالياً. وتجد الامهات انفسهن مضطرات إلى تحذير اطفالهن من مهاوي الوقوع في شرك الخاطفين وتجنب التحدث مع أي شخص غريب أو مرافقته لأي سبب كان. وهو أمر ما كان أحد يتخيله قبل شهور. وجريمة الخطف لم تكن موجودة قبل دخول القوات الأميركية إلى العراق عندما عمَّت الفوضى وتعرضت المصارف ودوائر الدولة إلى السلب والنهب. ويقول الرائد سمير محمد، الناطق الإعلامي في قيادة شرطة بغداد، ل"الحياة" إن "حوادث الخطف هي وليدة الحرب وإحدى إفرازات الاحتلال الذي فتح أبواب السرقة والسلب عند أول دخوله العراق فكان من نتائجه ظواهر قتل وخطف بدأها أفراد العصابات التي نفذت عمليات السلب والنهب وطاولت، بعد الانتهاء من المصارف والمحال التجارية، عائلات المترفين والتجار". ويضيف: "قبضنا قبل ايام على 26 مجرماً متهمين بحوادث خطف، بعد ابلاغنا من جانب ذوي المخطوفين، لكن المشكلة أن هناك حوادث لا يُبلّغ عنها المواطنون خوفاً على أرواح أولادهم وبناتهم ويتم فيها الاتفاق مع المجرمين لدفع الفدية واطلاق المخطوف. ومثل هذا التصرف يعيق عملنا ويشجع المجرمين على تكرار عمليات الخطف". أما الشرطة العراقية، فتعاني من قلة الإمكانات ومحدوديتها ومن تقييد صلاحيتها، كما يوضح الرائد محمد: "كانت هناك اجهزة أمنية قبل الاحتلال تدعم عملنا، كجهاز مكافحة الاجرام ودائرة الأمن، إضافة الى الأحكام الصارمة التي كانت تصدر في حق مرتكبي هذه الجرائم". وما يزيد الأمر خطورة في نظر السكان أن لصوص المصارف ومن يرتكبون عمليات الخطف لا يزالون طلقاء يروون بطولاتهم على مسامع الناس من دون خوف. ويتم الخطف لاغراض الابتزاز ولأسباب كثيرة. يقول أحد افراد عصابة سرقت "مصرف الرافدين" في شارع الرشيد، وسط بغداد، بعد سقوط النظام السابق، والتي تلتقي في احد المقاهي في منطقة البتاوين وسط بغداد ل"الحياة": "اختلفنا أنا ورفيق لي بعد سرقة المصرف عندما امتنع عن إعطائي حصتي من المال المسروق الذي وضعناه في أكياس الطحين الفارغة ما دفعني إلى خطف ابنته. وبعدما سلمني المال الفدية البالغة 35 ألف دولار في مكان اتفقنا عليه استرد ابنته". ولا يختلف أسلوب الخاطفين وتعاملهم عما يظهر في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والتي يبدو أنهم استنبطوا طرقهم وخططهم منها. لكن الفرق بينها أن ما يشاهدونه عبر التلفزيون لا يعدو أن يكون مجرد تمثيل، فيما الذي يحصل على ارض الواقع هو حقيقة مؤلمة. ويروي أبو سماح، وهو تاجر مواد احتياط، ل"الحياة" بمرارة. "لم أتمكن من إنقاذ ابنتي لأنني لم أستطع من جمع المبلغ الذي طلبوه إذ لم يكن في حوزتي 15 ألف دولار. وتوسلت إليهم ان يخفضوا لي المبلغ". وبعد دقائق من الصمت يرفع رأسه ليكمل حديثه: "أخبرتهم أنني لم أتمكن من استكمال المبلغ إفعلوا ما تريدون. لن أعطيكم سوى خمسة آلاف دولار فرفضوا. وبعد ساعة سمعنا صوت سيارة تتوقف أمام المنزل وعندما خرجت رأيت طفلتي ملقاة على الأرض عند الباب وقد فارقت الحياة. قتلوها". صور المخطوفين والمفقودين وظهرت على قناة التلفزيون "العراقية" صور وإعلانات متعددة للمخطوفين والمفقودين موثقة بأسمائهم ومواصفاتهم وموعد اختفائهم، وتدعو إلى الإبلاغ عنهم في حال وجدوا أي معلومات حول ذلك وهي مشاهد ما كان أحد يتخيل أنها ستصبح جزءاً من الحياة اليومية في العراق. وقال أحد ضباط الشرطة العراقية، طالباً عدم ذكر اسمه: "خطورة هذه الظاهرة تكمن في اتساعها مستقبلاً وقيام المجرمين بالخطف في شكل عشوائي، مستغلين خوف المواطنين من التبليغ حفاظاً على أرواح أطفالهم، ما يدفع ببعض ضعاف النفوس إلى استغلال المواطنين وخداعهم لابتزاز أموالهم". وأضاف ضابط الشرطة العراقي: "عمليات الخطف على رغم انحسارها المحدود، إلا أنها ما زالت موجودة. ونحن لا نستطيع القيام بعملنا من دون مساعدة المواطنين بالإبلاغ الفوري لقطع الطريق أمام المجرمين". وأضاف: "نحن نحتاج الى مزيد من الوقت لبسط السيطرة واستتاب الأمن ومكافحة الجريمة".