أفادت النتائج الكاملة للدورة الاولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا التي نشرتها وزارة الداخلية أمس أن اليمين حصل على 62،43 في المئة من الاصوات مقابل 02،36 في المئة لليسار. وحصل اليمين المتطرف على 2،12 في المئة من الاصوات في مقابل 74،2 في المئة لليسار المتطرف و43،5 في المئة لمختلف التشكيلات السياسية الاخرى. ولعل أبرز ما في نتائج الدورة الاولى أنها أدت الى تحجيم قوى التطرف اليمينية واليسارية، وأعادت التجاذب السياسي الى محوريه التقليديين اليمين واليسار الجمهوريين. فالعبثية التي طغت على دورة انتخابات الرئاسة الاولى ترافقت مع تهديد بتعديل الخريطة السياسية للبلاد، وعكست رغبة لدى الناخبين في إلغاء عملية التناوب التقليدي على الحكم بين قوى اليمين الجمهورية التي باتت ممثلة ب"الاتحاد من أجل الغالبية الرئاسية" وقوى اليسار الجمهوري أي الحزبين الاشتراكي والشيوعي وأنصار البيئة "الخضر". وبعد بروز اليمين المتطرف في موقع ثاني أكبر قوة سياسية في البلاد بعد اليمين، وتضخم شعبية اليسار المتطرف، في ظل انهيار تام سجله الاشتراكيون والشيوعيون، يبدو أن الناخبين أرادوا تصحيح هذه الصورة المغلوطة التي كادوا يتسببون برسمها، فتعمدوا الاقتراع في الانتخابات الاشتراعية، بعيدًا من أي مجازفة. وجاء الاقتراع متطابقًا الى حد كبير مع الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية 5 أيار/ مايو الماضي حيث أكدوا رغبتهم بمنح الرئيس جاك شيراك غالبية برلمانية مريحة تضمن التجانس على مستوى مؤسسات الحكم وتجنب البلاد متاعب خوض تجربة "تعايش" جديدة. فخرج اليمين من الانتخابات التي ستحسم نتائجها نهائيًا في الدورة الثانية الاحد المقبل، في موقع المنتصر الاكبر، وهزم اليسار من دون أن ينهار تماماً. لكن الأهم في كل هذا، عودة شعبية اليمين المتطرف الى حجمها المعهود، بحصوله على 12 في المئة من الاصوات في الانتخابات التشريعية، وبعدما راهن على اختراق المنتدى النيابي بأكثر من ستة مقاعد فهو بالكاد سيحصل على نائب أو اثنين. ويتضح من هذه النتيجة، أن لوبن لم ينجح في استقطاب فئة المستائين من الطبقة السياسية التقليدية وأن الاقتراع لمصلحته في دورة انتخابات الرئاسة الاولى لم يكن أكثر من "فشة خلق" آنية. واستفاد اليمين الى درجة كبيرة من الارتياح الشعبي الذي يثيره رئيس الحكومة الفرنسي الجديد جان - بيار رافاران نظراً لبساطته وديناميكيتيه. وكان رافاران أول من علق على نتائج الانتخابات بالقول إن الفرنسيين أكدوا رغبتهم "بنبذ سياسة المشاكسة مفضلين عليها السياسة الفاعلة". أما الأمين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند، فلم يسعه سوى التحذير من سيطرة اليمين على المؤسسات المختلفة، نظراً لما تنطوي عليه من "انعدام التوازن في تمثيل الحساسيات السياسية المختلفة".