اقترح وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان أمس انشاء جهاز خاص بنزع التسلح تابع للأمم المتحدة، يكون مخولاً التحقق من تزود أي بلد أسلحة دمار شامل. وقال في حديث الى "اذاعة فرنسا الدولية" ان "استخلاص الدروس من القضية العراقية" يقضي بانشاء مثل هذا الجهاز الذي يتولى ابلاغ مجلس الأمن والأممالمتحدة ما يلزم من معلومات. وطرح دوفيلبان انشاء جهاز آخر تابع للأمم المتحدة يختص بحقوق الانسان، وقال: "لا يمكننا ان نقبل بإبقاء ديكتاتوريات، دموية في بعض الأحيان، في السلطة". ودعا المجتمع الدولي الى انشاء "حكومة عراقية سيدة" قبل 30 حزيران يونيو، لتكون قادرة على طلب تشكيل قوة دولية لحفظ الأمن في العراق. وزاد: "الجميع يدرك ضرورة احترام هذا الموعد لنقل السلطة من قوات الاحتلال الى حكومة عراقية موقتة". ورأى ان الدستور الموقت الذي أقره مجلس الحكم "لا يخول الى الحكومة الموقتة ما ينبغي من صلاحيات"، مشدداً على ضرورة أن يترافق موعد 30 حزيران مع "استعادة فعلية للسيادة وانشاء حكومة سيدة لتحقيق تغيير كامل في الوضع فتكون هناك سلطة ذات سيادة تحظى بدعم كل أطراف المجتمع الدولي". وسئل: "هل الادارة الأميركية تتولى السلطة في العراق أم تنظيم القاعدة، بعد مضي سنة على الحرب" فأجاب ان "الأمر الأساسي المطلوب هو ملء الفراغ السياسي الذي لا يزال موجوداً، وهذا يتطلب من الأسرة الدولية مزيداً من الانخراط والتحرك وعدم اضاعة الوقت". الى ذلك، رأى مصدر فرنسي مطلع ان الموقف الأميركي من دور الأممالمتحدة في العراق شديد التناقض وأن الأمر ذاته ينطبق على أعضاء مجلس الحكم. وأوضح ان الإدارة الأميركية تقول أحياناً انها تريد عودة المنظمة الدولية الى العراق، لكنها تظهر عبر مواقف معينة انها غير مستعجلة لمثل هذه العودة. وأشار الى أن فرنسا تعتبر أن لا حاجة الآن لقرار جديد لمجلس الأمن، وتريد عودة المنظمة في اطار مهمة واضحة، شرط ان يكون لها هامش من الاستقلالية وألا يقتصر وجودها على دعم ما يقرره الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر وأربعة أو خمسة من أعضاء مجلس الحكم. وذكر المصدر ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان حذر جداً لأنه ينتظر ان تتضح الصورة بالنسبة الى ما تريده الادارة الأميركية وما يريده العراقيون. وزاد ان مهمة الابراهيمي كانت تقضي بتجاوز عقبة التعيين، اذ لن تكون هناك انتخابات قبل 30 حزيران يونيو. وتابع ان السنّة لم يوافقوا على الانتخابات فيما أصر الشيعة على تحديد موعد لها، فتحدد في كانون الثاني يناير المقبل، ومن هذا المنطلق أتاحت مهمة الابراهيمي والدستور الموقت صيغة تلائم الجميع. لكنه أشار الى أنه لا يزال هناك بعض الغموض، مؤكداً ان الانطباع السائد لدى الأوساط الفرنسية فحواه توقع توسيع مجلس الحكم الانتقالي. ونبه الى أن توسيع المجلس الحالي باضافة ثلاثة أو أربعة أعضاء اليه، وتسميته حكومة موقتة، لا يشكل من وجهة نظر فرنسا أفضل الطرق لإعادة السيادة الى العراق. ولفت الى مؤشرات ترجح الاكتفاء بتوسيع المجلس، وقال: "إذا كانت الحكومة المقبلة في بغداد صورية لا تمارس مسؤوليات فعلية، ستكون لفرنسا تحفظات". وفي مقابلة نشرتها صحيفة "لوموند"، قال دوفيلبان انه بعد مرور سنة على الحرب "بات العالم أقل استقراراً وأكثر خطورة"، معتبراً ان ذلك يستدعي تعبئة الأسرة الدولية "للرد على التهديدات وإعادة تأسيس النظام الدولي". وتابع ان "الوحدة هي شرط الفاعلية". وذكر ان الحرب على العراق لم تعزز الاستقرار العالمي، وأن الوقائع تشير الى أن الارهاب لم يكن موجوداً في ذلك البلد قبل الحرب، في حين أصبح اليوم "من البؤر الرئيسية للارهاب الدولي، في ظل تصاعد العنف الذي يطاول قوات التحالف والعراقيين أنفسهم". وأشار الى أن الارهاب "يعنينا جميعاً" و"مأساة مدريد تظهر بوضوح ان أوروبا ليست في منأى عنه"، داعياً الأسرة الدولية الى "تحسين الأدوات التي في متناولها لمكافحته في شكل أفضل". وعبّر عن اقتناعه بضرورة احياء "الاندفاع الذي جعل الأسرة الدولية توحد صفوفها غداة 11 أيلول سبتمبر خصوصاً ان العمل العسكري الذي استهدف افغانستان تحت راية الأممالمتحدة حقق أهدافه، بوضعه حداً لنظام طالبان". وختم بأنه ينبغي اليوم "استعادة زمام المبادرة وتحديد اجوبة جديدة ملائمة لارهاب دولي يتلاعب بالقضايا المحلية والكونية".