قال رئيس بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان باتريك رينو ان الاتحاد الأوروبي يتوخى تعهد الدولة اللبنانية "مواصلة الجهود في مجالات عدة كدمقرطة المجتمع اللبناني واحترام الأقليات ومكافحة الجريمة المنظمة والتعاون في مجال القضاء"، معتبراً ان أنظمة المنافسة المشروعة والأمن القضائي هي التي تجذب المستثمرين. وذكّر رينو الحكومة اللبنانية بالمبادئ التي تقوم عليها اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، مركزاً على الجانب السياسي على اعتبار انها "اولاً سياسية" كما قال. وأطلق رينو سلسلة رسائل سياسية فأعلن انه لا يوافق على القول ان اعتماد الاتحاد الأوروبي "استراتيجية الخطوة خطوة ومواكبة الإجراءات المطلوبة"، ينمّ عن ضعف سياسي للاتحاد. وكان رينو يتحدث في ندوة نظمها "مركز التجارة العالمي" الذي يديره شادي أبو ضاهر في بيروت في مناسبة افتتاحه بعنوان "لبنان والاتحاد الاوروبي شراكة في التجارة والتنمية". وتناول رينو الجانب الاقتصادي، معتبراً ان "اعادة اعمار الدولة لا تزال تعاني من شوائب مهمة" من دون ان يغفل الجهود "العارمة التي بذلها لبنان". ولفت الى "عجز في الموازنة يزيد على 30 في المئة ودين يفوق نسبة 180 في المئة من اجمالي الناتج، والبعض يتحدث عن نسبة تفوق 230 في المئة، وعجز تجاري يتخطى 600 في المئة". ورأى ان "هذه الامور تحبط كل مجهود يهدف الى تقويم الاقتصاد". ولمح رينو الى "مواصلة المجتمع الدولي مساندة لبنان"، مشيراً الى "اهم دعم تلقاه ما نتج من مؤتمر باريس -2"، لافتاً الى ان "لولا الاصلاحات التي اتفق عليها خلال المؤتمر لما كان للمؤتمر من جدوى تذكر". وأشار الى "تفاقم الظروف الاقتصادية واقتراب الاستحقاقات الصعبة، إذ تناهز المبالغ المستحقة في العام 2004 13 بليون دولار". كما رأى ان "المناخ المحيط بالتجارة والاعمال من الاكثر كلفة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تزال تتخبط في وضع دائم من العزلة والتشرذم ولا تزال تضيع عليها فرصاً في السوق الخارجية. واخيراً والاخطر من ذلك كله هو ان الشباب يهاجرون". وأكد رينو ان "المسؤولية عن هذا الوضع تعود الى اللبنانيين"، معتبراً ان "لا يمكن الجهات الاجنبية سوى مواكبة السياسات التي اطلقتها الحكومة ودعم استراتجيات تحديث الدولة التي حددها اللبنانيون". وشدد رينو على اجراءات ادارية تسهل تلك المتعلقة بالاستيراد والتصدير "بانشاء نظام الشباك الواحد، والامر سيان بالنسبة الى تنافسية المنتوجات اذ يتوجب على السلطات ادخال انظمة حديثة وتطبيقها ليس فقط في مجال حرية السوق والمنافسة بل ايضاً في مجال النوعية والمقاييس". واكد ان "بهذه الطريقة يمكننا فقط تلافي منع منتوجات من دخول الاسواق الاوروبية". وتناول رينو الاستراتيجية الاميركية الجديدة المتعلقة ب"الشرق الاوسط الكبير"، فقال: "ففي حين يتحدث الجميع عن هذه الاستراتيجية تواصل اوروبا شراكتها على خطى مؤتمر برشلونة وتطلق استراتيجية جديدة هي سياسة الجوار الجديدة" مشيراً الى ان "فيها نفحة من الثورية". وسأل: "ماذا ننتظر في المقابل؟" مجيباً: "امرين، اولاً ان يترجم شركاؤنا البعض من القيم الاساسية في قوانينهم دولة القانون وحقوق الانسان وحماية الاقليات، ومن ثم ان يضعوا موضع التنفيذ الاصلاحات الضرورية التي تضمن اقتصاد السوق القابل للاستمرار". واكد ان "هذه المبادرة تتطلب قراراً سياسياً تاريخياً ألا وهو مشاركة الاتحاد الاوروبي بالقيم المشتركة من خلال تقارب سياسي واقتصادي". واعلن: "لن يقترح الاتحاد نموذجاً موحداً انما مقاربة متميزة تأخذ في الاعتبار خصوصيات كل بلد، فالأمر لا يتعلق بخطى تفرض فرضاً انما بمنهج تتطلب كل مرحلة منه موافقة كل الشركاء". وأكد: "لا ننوي اعطاء وصفات لأطباق لن نطهوها ولن نتناولها، وفي نهاية المطاف يعود الامر الى الدول العربية وللبنان للاجابة عن هذا التحدي التاريخي". واعتبر وزير الاقتصاد والتجارة مروان حمادة ان اتفاقية الشراكة الاوروبية "تشكل حجراً اساسياً في استراتيجية تحرير التجارة اللبنانية" مؤكداً انها "ستساعد لبنان في زيادة حجم التصدير وازالة العوائق امام دخول البضائع الى الاسواق اللبنانية وتجعل لبنان سوقاً تستقطب البضاعة الاوروبية". وعدد ميزات الاتفاقية التي "تمكن لبنان من تقوية علاقاته التجارية ونشر التجارة الدولية وسهولة الحصول على التكنولوجيات". ورأى ان "معايير التجارة الدولية تتغير باستمرار وتصبح اكثر تعقيداً من السابق". واكد ان "وجود مركز التجارة العالمي في بيروت مبادرة واعدة في الوقت الذي اصبحت الخدمات التجارية وسيلة حقيقية لمواجهة كل التحديات المتنامية". وتحدث حمادة عن انجاز المرحلة الثانية من مفاوضات انضمام لبنان الى منظمة التجارة العالمية، متوقعاً ان "يصبح عضواً فيها في 2005". وعرض الاتفاقات التي سيوقعها لبنان مع المنظمة الاوروبية للتجارة الحرة منتصف هذه السنة والمسودة الاولية للتجارة الحرة التي وقعها مع "منظمة التعاون الخليجي". وأعلن ان "لبنان سيطلب انضمامه الى اتفاقية "اغادير".