خيمت التفجيرات في قطارات مدريد على الانتخابات الاسبانية امس، وتوجه الناخبون الى صنادق الاقتراع وسط انقسام حاد، انعكس منافسة شديدة بين الحزب الشعبي المحافظ الحاكم والاشتراكي المعارض الذي دلت الاستطلاعات مساء إلى احتمال فوزه بغالبية بسيطة. راجع ص 10 وشهدت التحقيقات في تفجيرات مدريد تحولاً لافتاً بعد الربط بينها وبين الاعتداءات الارهابية في الدار البيضاء العام الماضي. في حين توجه فريق أمني مغربي الى العاصمة الاسبانية للمشاركة في استجواب ثلاثة مغاربة اعتقلوا في الساعات ال48 الاخيرة. وانكب المحققون الاسبان على فحص شريط فيديو ظهر فيه ملثم يتحدث بلهجة مغربية ليتبنى مسؤولية "القاعدة" عن التفجيرات. ونقلت صحيفة "إل موندو" عن مصادر في الاستخبارات الاسبانية ان محققيها يعتقدون بأن ضابطاً سابقاً في الاستخبارات العراقية خطط لاعتداءات مدريد، وانه توجه إلى المغرب قبل نحو ستة أسابيع للاعداد لتلك التفجيرات. وعثر على شريط الفيديو في سلة مهملات عند أطراف العاصمة، بعدما اتصل رجل يتحدث بلهجة مغربية بمحطة التلفزيون الاسبانية "تيلي مدريد" مشيراً الى ان الشريط وضع هناك. واكد هذه المعلومة وزير الداخلية الاسباني أنجل اثيبيس، مشيراً الى ان الرجل الذي كان ملثماً في الشريط تحدث بلهجة مغربية، واعلن انه "ابو دوجان الافغاني"، وادعى انه الناطق العسكري باسم "القاعدة" في أوروبا. ولاحظ الوزير أن هذا الاسم "ليس معروفاً للمسؤولين الاسبان ولا لأجهزة الاستخبارات الاجنبية التي طلبت اسبانيا منها المساعدة"، وهي الفرنسية والبريطانية والبرتغالية. وقال الرجل في الشريط: "نعلن مسؤوليتنا عما حصل في مدريد بعد عامين ونصف من هجمات نيويورك وواشنطن". وأضاف: "انه رد على مشاركتكم مع المجرمين بوش وحلفائه. هذا هو رد على الجرائم التي ارتكبتموها في العالم خصوصاً في العراق وأفغانستان. وبإذن الله، ستتلقون المزيد. انتم تريدون الحياة ونحن نريد الموت... وإذا لم تنهوا ظلمكم، سيسيل مزيد من الدماء. وهذه الاعتداءات ليست الا القليل مما يمكن ان يحصل من جانب ما تصفونه بالارهاب". وصرح وزير الاتصال المغربي نبيل بن عبدالله بأن المعتقلين الثلاثة من مواليد مدينتي طنجة وتطوان الشماليتين وهم جمال زوجام 30 عاماً الذي يعمل في أحد المكاتب، ومحمد بقالي 31 عاماً وهو ميكانيكي، ومحمد شاوي 34 عاماً وهو عامل بمصنع. وقال جان شارل بريزار المحقق لحساب محامي عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول سبتمبر، أن محمد شاوي تردد اسمه في التنصت على محادثات بين عبد الحق المغربي وبركات يركس الذي يعتبر مسؤولاً عن "خلية القاعدة في اسبانيا"، مشيراً إلى احتمال مشاركة هذه الخلية تلك في التحضير للاعتداءات. وتوقع مراقبون في اسبانيا ان تعلن "ايتا" هدنة اليوم، لتبدأ التفاوض مع الحكومة الجديدة. وفي الوقت نفسه، لا تزال السلطات الاسبانية تصر على عدم الغاء كل الاحتمالات في شأن منفذي الاعتداءات، خصوصاً ان الخبراء الامنيين يتكلمون منذ أشهر عن عملية كبيرة للمنظمة تقودها الى اعلان الهدنة. وسارع أصدقاء إسبانيا إلى اتخاذ مجموعة اجراءات أمنية بعد الاعتداءات الدامية في مدريد. وأعلن وزير الداخلية الالماني أوتو تشيلي، أن بلاده ستسعى إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الداخلية في الاتحاد الاوروبي، من أجل البحث في الاوضاع الامنية في أوروبا إثر الاعتداءات. وبدأت بريطانيا بدرس نشر حراس أمنيين في قطاراتها. وعلقت باريس جزئياً العمل باتفاقية "شنغن" حول إلغاء المراقبة على الحدود بين الدول الاوروبية، واتخذت أستراليا إجراءات لحماية أمنها.