اصرت اسبانيا على فرضية مسؤولية منظمة ايتا في سلسلة الهجمات الدامية التي وقعت في مدريد واسفرت عن 198 قتيلا و1400 جريح، ونفت قطعيا احتمال العملية الانتحارية، فيما شككت واشنطن في صحة تبني تنظيم القاعدة الهجمات، معتبرة انه لا يشبه الطريقة الاعتيادية لهذا التنظيم الارهابي. وقال المتحدث باسم الحكومة الاسبانية ادوادو زابلانا في تصريح لشبكة التلفزيون العامة تي في اي، مساء امس الاول ان كل شيء يؤدي الى العصابة الارهابية الاجرامية ايتا، مؤكدا انه يستطيع ان ينفي نفيا قاطعا فرضية حصول عملية انتحارية كانت اذاعة كادينا سير قد تحدثت عنها نقلا عن مصادر في قسم مكافحة الارهاب. وندد المتحدث بما وصفه بانه سيناريو للخلط المتعمد من قبل البعض. وقال لا يمكن ان يكون الامر متعلقا بعملية انتحارية لانه حتى هذه المرحلة من التحقيق كنا عرفنا ذلك واصفا المعلومات التي تتحدث عن امكانية ان يكون الامر متعلقا بعملية انتحارية او من الممكن ان يكون شخص مسلم بين القتلى بانها شائعات واكد ان الشرطة نفت هذا الامر. واضاف علينا ألا نجنح وكل شيء يسير في نفس الاتجاه: ايتا. واعلن وزير الداخلية الاسباني انخيل اثيبيس في وقت سابق العثور على شريط مسجل يتضمن آيات قرآنية اضافة الى سبعة صواعق في شاحنة متوقفة في الكالا دي ايناريس قرب مدريد، وهي نقطة انطلاق للقطارات التي استهدفتها الهجمات. الا ان الوزير اكد ان الفرضية الاولى للمحققين تبقى ان منظمة ايتا الانفصالية هي المسؤولة عن التفجيرات. وتبين ان الشاحنة التي عثر فيها على الشريط والصواعق سرقت في الكالا دي ايناريس في 28 فبراير. وقال اثيبيس في مؤتمر صحافي ان الخيط الرئيسي يبقى ايتا، الا انه لا بد من التزام الحذر والتحقيق في خيوط اخرى. واوضح وزير الداخلية الاسباني ان الشريط مشابه للاشرطة التي تستخدم عادة في تعليم القرآن، ملمحا الى احتمال ان تكون هناك عملية تضليل. وكان مسؤول في حزب باتاسونا الجناح السياسي المحظور لمنظمة ايتا مسؤولية المنظمة عن التفجيرات واتهم ما سماها جماعات مقاومة عربية بالوقوف وراءها. وقال ارنولد اوتوغي زعيم حزب باتاسونا، في محاولة للتدليل على عدم مسؤولية ايتا عن التفجيرات ان ايتا اعتادت على الاتصال هاتفيا والتحذير قبل التفجيرات وهذه المرة لم يكن هناك تحذيرات مسبقة. في غضون ذلك، شككت واشنطن في صحة تبني تنظيم القاعدة للهجمات، معتبرة انه لا يشبه الطريقة الاعتيادية لهذا التنظيم الارهابي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول اميركي فضل عدم الكشف عن هويته قوله ان واشنطن لا يمكنها ان تؤكد في الوقت الراهن صحة هذا التبني مضيفا لكن يبدو هذا الامر غريبا لطريقة تبنيهم. واشار الى ان تنظيم القاعدة كان في الماضي يمجد نفسه بعد الاعتداءات التي تنسب اليه ولا يعمد فورا الى تبنيها. وكانت صحيفة "القدس العربي" التى تصدر في لندن قالت انها تلقت بيانا لم تتأكد صحته منسوبا الى منظمة القاعدة يعلن المسؤولية عن هجمات مدريد والهجوم الذي استهدف الثلاثاء، محفلا ماسونيا في اسطنبول. واكد البيان الموقع باسم كتائب ابو حفض المصري/القاعدة ان سرية الموت نجحت في التسلل الى العمق الصليبي الاوروبي وضرب احد اركان التحالف الصليبي (اسبانيا) بضربة موجعة. وكانت التفجيرات قد استهدفت أربعة قطارات في ثلاث محطات بمدريد وضواحيها، ووقعت في ساعة الذروة الصباحية حيث يستخدم آلاف الموظفين القطارات للتوجه إلى أعمالهم، وهو ما ادى الى وقوع اعداد كبيرة من الضحايا. وأعلن وزير الداخلية الإسباني أن 13 قنبلة استخدمت في التفجيرات التي جرت بشكل متزامن فقد انفجرت ثلاث قنابل في محطة أتوتشا وسط مدريد، وأربع على مقربة من المحطة وواحدة في محطة سانتا أوخينيا واثنتان في محطة بوثو, وهما محطتان في ضواحي مدريد. وأشار إلى أن خبراء المتفجرات في الشرطة قاموا بتفجير ثلاث قنابل أخرى تم العثور عليها. هذا وصرح مسؤول بأن أسبانيا طلبت من مسؤولي الفحص الطبي الاسرائيليين الذين لهم خبرة في تحديد هويات ضحايا المفجرين الفلسطينيين مساعدة الاطباء الشرعيين الاسبان بعد الانفجارات التي وقعت في قطارات بمدريد. وقال ايهودا هيس رئيس المعهد الوطني الاسرائيلي للطب الشرعي لاذاعة اسرائيل مكتب الفحص الطبي في مدريد طلب من سفارتنا في أسبانيا مساعدتنا وسنوفر بالطبع كل المساعدة الممكنة. وأضاف هيس ان ثلاثة أطباء شرعيين يتحدثون الاسبانية من المعهد سيسافرون الى مدريد فور أن تنهي وزارة الخارجية الاسرائيلية الترتيبات. وقال الفريق الذي سيذهب الى أسبانيا رفيع جدا ويتألف من أشخاص يعملون منذ سنوات في تحديد هويات ضحايا الهجمات التي شهدناها في اسرائيل. وعلى الصعيد الدولي أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران في باريس أن فرنسا ستعزز من تدابيرها الامنية في أعقاب التفجيرات التي تعرضت لها جارتها أسبانيا ، حيث تم رفع حالة الطوارئ في فرنسا من اللون الاصفر إلى اللون البرتقالي وهو ثاني أعلى مستوى للطوارئ بمقياس طوارئ مواجهة الارهاب المؤلف من خمسة مستويات، الا ان مسؤولين في وزارة الامن الداخلي الامريكية اكدوا ان الوزارة ستجري تحقيقا لمعرفة هل يوجد اي تهديد محدد لقطاراتها بعد التفجيرات التي وقعت في العاصمة الاسبانية لكنها لا تعتزم رفع مستوى التحذير من تهديد ارهابي. وقال اسا هوتشينسون وكيل وزارة الامن الداخلي المسؤول عن أمن الحدود والنقل ان الوزارة تراجع بشكل منتظم بيانات ومعلومات المخابرات وانها ستجري تحقيقا اكثر تدقيقا ،واضاف هوتشينسون قائلا لمجموعة صغيرة من الصحفيين بالقطع فان هناك مراجعة مستمرة وسيجرى تحقيق اكبر على الارجح نتيجة لما حدث. كما رأت الصحف البريطانية الصادرة امس ان عصر الارهاب على نطاق واسع وصل الى اوروبا بعد الاعتداءات على اسبانيا،فقد كتبت صحيفة الغارديان في عناوينها الرئيسية مجزرة في مدريد، مرجحة نقلا عن مصدر بريطاني مطلع ان تكون منظمة ايتا الانفصالية هي التي نفذت هذه الهجمات. وقال هذا المصدر انه اذا كانت الاعتداءات من فعل القاعدة فان ذلك سيفاجئنا. اجهزة الاستخبارات اثبتت ان ايتا ما زالت ناشطة وتريد الرد. كما اعرب المجتمع الدولي عن شعوره بالصدمة إزاء الهجمات التي وصفها رئيس الوزراء الاسترالي جون هوارد بأنها عمل مشين لا يمكن التغاضي عنه قائلا إن تلك التفجيرات تحمل طابع تنظيم القاعدة. وقال كوفي عنان سكرتير عام الاممالمتحدة لقد علمت بذهول وانزعاج عميق بشأن وقوع الهجمات الارهابية في مدريد ونحن نرى مرة أخرى أعمال قتل حمقاء لاشخاص أبرياء ولا يمكن تبريرها بغض النظر عن القضية. وأصدر مجلس الامن التابع للامم المتحدة بعد ساعات من وقوع التفجيرات قرارا يدين الهجمات وقال الرئيس الامريكي جورج بوش : نحن نقف بشدة إلى جانب شعب أسبانيا. وكانت أسبانيا أحد أكثر الحلفاء إخلاصا للولايات المتحدة خلال جميع مراحل النزاع الامريكي-العراقي ولها 1300 جندي يخدمون في العراق في فترة ما بعد الحرب.