إصابة دماغية تعيد تنشيط فايروسات كامنة في الجسم!    شتات «الميرينغي»    إبانيز والحريجي مهددان بالغياب عن الأهلي    أسعار النفط لأعلى مستوى في 4 أشهر.. «برنت» صوب 82 دولاراً    «PIF» يرفع ملكيته في الشركات المدرجة إلى 1.73 تريليون ريال    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج .. الأمن في خدمة ضيوف الرحمن    «الشورى» يناقش مقترح مشروع «نظام رعاية الموهوبين»    مرحلة التصويت تغلق.. وإعلان الفائزين في حفل ل"Joy Awards 2025" السبت المقبل    «إسرائيل» تطالب بترحيل الأسرى إلى الخارج    تعزيز الابتكار واستكشاف الفرص الواعدة في قطاع التعدين    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة في دمشق    «اجتماعات الرياض» تبحث إعادة بناء سوريا وتحقيق أمنها    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    700 ألف إسترليني لتحرير غوريلا مسجونة    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    محمد بن عبدالرحمن يقدم التعازي للحميدان و بن حشر و بن نوح    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    تواصل ارتفاع إجمالي الطلب العالمي للشحن الجوي للشهر 16 على التوالي    إقامة ملتقى إضاءة عسير للأشخاص ذوي الإعاقة    «الشورى» يناقش تعديل نظام رعاية الموهوبين    حسام بن سعود: المحاكم لها دور في إرساء مبادئ العدل والشفافية    مقترح للدراسة في رمضان    15 ممكناً للمنشآت الأعضاء في برنامج «المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد»    مترو الخرج    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    بمشاركة عربية واسعة.. «إثراء» يطلق النسخة الرابعة من ماراثون «أقرأ»    لا ناقة لي ولا جمل    ترشيد الإنفاق الأسري    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    النوم في الظلام.. يقلل مخاطر الاكتئاب    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    من إدلب إلى دمشق!    أرقام «الإحصاء».. والدوسري.. وصناعة المُستقبل    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    العراق وترمب.. لا منطقة رمادية    هل أطفالنا على المسار الصحيح ؟!    دول أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات على سورية وإبقائها على الأسد    تحديث وإنجاز    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية جديدة مفعمة بحكايات "المعالفة" في الوطن والمهجر . أمين معلوف يبحث عن "أصول" عائلته ... روائياً
نشر في الحياة يوم 10 - 03 - 2004

ينحاز أمين معلوف الى كلمة "أصول" ويختارها عنواناً لروايته الجديدة، التي صدرت في باريس قبل أيام، دار غراسيه، مميزاً بينها وبين كلمة "جذور" الرائجة. كلمة "جذور" كما يقول في مستهل الرواية ليست من مفرداته، وهو لا يميل اليها أصلاً، معتبراً أن البشر لا يحتاجون الى "الجذور" مقدار حاجتهم الى "الأصول". ويرى في الشجرة مثالاً حياً على فكرته هذه: الجذور تغذي الشجرة منذ ولادتها لكنها تجعلها أسيرتها الدائمة. أما البشر فلا يصعد "نسغ" أرضهم الأولى من أرجلهم الى الرأس، فأقدامهم لا تصلح إلا للمشي والطرق وحدها هي التي تهمّهم.
هكذا يعلن أمين معلوف منذ مطلع روايته أنه سيعالج مسألة "الأصول" متحاشياً الوقوع في شرك الانتماء المغلق الذي غالباً ما يتمثل في مفهوم "الجذور". لكنّ "الأصول" ستعني في الرواية أصوله الشخصية أو العائلية بالأحرى، وهي الأصول الضاربة في الأرض الأولى والمبعثرة في أنحاء شتى من العالم. وليس من المصادفة أن تبرز في الرواية شخصيتان ترمز كل منهما الى معنى أو مفهوم يختلف عن الثاني: الجدّ جبرايل الذي هاجر الى كوبا خلال القرن التاسع عشر، والجد بطرس الذي رفض الهجرة وظل في أرضه الأولى. يمثل هذان الجدان انهما شقيقا جدّ أمين معلوف حقيقتين وجوديتين ونوعين من الحضور اللبناني والهوية أو الانتماء.
وإذا كان أمين معلوف أثار قضية الانتماء في كتابه الجميل "هويات قاتلة" 1999 قائلاً عن نفسه انه لبناني وفرنسي في وقت واحد، وأنه يقيم على تخوم بلدين ولغتين أو ثلاث، فانه في روايته الجديدة يثير قضية الانتماء ولكن انطلاقاً من أسرته نفسها أي "آل المعلوف" أو "المعالفة" كما يسمّون أحياناً. والانتماء هنا لن يعني العصبية ولا "القبلية" ولا الهوية "القاتلة" أو المنغلقة، بقدر ما يعني الانفتاح والهجرة والغربة و"الكوسموبوليتية". وعلى رغم اعتراف أمين معلوف أنه ينتمي الى "قبيلة" المعالفة فهو سرعان ما يصف القبيلة ب"الترحّل" الدائم في "صحراء يحدّها العالم". انه إذاً كائن مترحّل بدوره لم يعرف "انتماء دينياً حقيقياً" كما يقول، ولم يشعر أبداً ب"انتساب كلّي الى وطن". ويعترف كذلك أن "ليس لدي إلا وطن واحد"، هذا الوطن سيكون وطن السلالة المهاجرة، وطن اللغة، الأولى والثانية معاً، أي العربية والفرنسية.
وفي رسم سلالة العائلة الذي ضمّته الرواية في الختام يحتل الراوي موقع الكاتب الذي يكون رشدي المعلوف والده وهو الشاعر والصحافي اللبناني الرائد. وفي هذه الشجرة يمثُلُ شقيقا جدّه جبرايل وبطرس وسائر الأجداد والجدّات الذين تدور الرواية حولهم وحول مصائرهم أو أقدارهم وحكاياتهم الطريفة. ولئن بدا العمل الروائي هذا قائماً على التوثيق والأرشفة وهو ما لا يخفيه الكاتب، فهو استطاع أن يحوّل التأريخ فعلاً سردياً والوقائع عناصر حكائية بامتياز.
تبدو رواية أمين معلوف التي كتبها متنقلاً بين باريس وبيروت وهافانا وكيرميرسيه بين العامين 2000 و2003، أقرب الى الرواية "الجدارية" الفريسك التي تقصّ تاريخ الأسرة، أفقياً وعمودياً، غائصة في التفاصيل والمشاهد واللقطات وفي الحكايات والأخبار، ومقدمة نماذج "معلوفية" مميزة تتوزع بين الداخل والخارج، تعمل في التجارة على اختلافها وفي التعليم، يجذبها الإيمان حيناً والماسونية حيناً، ترتبط بالوطن وتنتشر في ما يشبه "الدياسبورا" العالمية... وإذا كان أمين معلوف يقرأ تاريخه الشخصي من خلال تاريخه العائلي، فهو يقرأ أيضاً تاريخ القرن التاسع عشر من خلال العائلة وخصوصاً المرحلة الأخيرة من السلطنة العثمانية التي كانت آيلة حينذاك الى سقوطها وتبعثرها.
مَن يقرأ رواية أمين معلوف الجديدة يدرك لماذا سمّاها "أصول" وليس "جذور". فهو طبعاً لم يسلك مسلك الروائي الأميركي الأسود أليكس هالي صاحب رواية "جذور" الشهيرة والذي نقّب عن جذوره في تاريخ أجداده، بل سلك طريقاً أخرى ساعياً الى نبش أصوله التي لم تنغرز في أرض واحدة وتربة واحدة بل في أراضٍ كثيرة وتحت سموات كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.