منذ فترة قصيرة جداً تحوّل الهاتف النقال إلى حاجة أساسية تلتصق بالإنسان كما ثيابه. فلا يخرج من دونه ويلازمه حتى أثناء نومه. إذ بات الاتصال الدائم حاجة حيوية للإنسان أينما ذهب. وراهناً تتكوّن حاجة جديدة، ولو ما زال انتشارها خجولاً نوعاً ما" وهي الحاجة إلى ملازمة الفرد معلوماته، وتقاريره، وحتى نفسه التي ما عاد يجدها بعيداً من الكمبيوتر المتنقل. كأننا بتنا نخشى أن نضيع من دون معلوماتنا، أو أن نحتاج فجأة إلى أحد الملفات المحفوظة في كومبيوتر البيت أو المكتب... "المحقق غادجيت" هو... نحن! يُذكّر هذا المشهد كثيراً بشخصية "المحقّق غادجيت" التلفزيونية Inspector Gadget . والحال انه ذلك الإنسان الآلة الذي يجد في جسمه ولباسه كل الأدوات التي قد يحتاج إليها أو تخطر على باله. ويبدو أننا تفوّقنا على المحقق. بتنا نحن أيضاً كناية عن "عدّة" متنقلة. ونتمسك بأدوات عصرية والكترونية متطورة ومتعدّدة الوظائف. فلكل شخص "كوكبه" المتنقل الذي يرافقه في كل الأماكن الخاصة والعامة، والذي يعزز حضور فرديته في المجتمع. تتحوّل شاشة ال"لاب توب" إلى ستار عازل على إحدى طاولات المقهى، أو مقاعد المعاهد الدراسية، أو في أي نوع من الاجتماعات. هل تبدو هذه الصورة مبالغاً فيها ومغلوطة في بعض جوانبها؟ لندقق قليلاً. غالباً ما يكون للكومبيوتر المتنقل وظيفة إجتماعية لا يستهان بها. وفي نهاية المطاف، يشكل "لاب توب" هوية تُعرّف عن صاحبها العصري، وشهادة مرور الى وصفها بال so professional!. في هذا الإطار، تلفت عبارة شاب تختصر كل البريق الذي يظهر في عيون مناصري الكومبيوتر المتنقل حينما يقول: "إنها خطيئتي الصغيرة. ولكنني أتلذّذ كثيراً في تلك اللحظة التي أفتح فيها كومبيوتري على مرأى من الجميع. فظيع هو هذا الشعور!". اذاً، ليس من المستغرب ان يصبح الكومبيوتر المتنقل في بعض الأحيان "هدفاً" في حد ذاته، علماً أن نسبة كبيرة جداً من الذين يستعملونه، تملك كومبيوتر في البيت أو المكتب. وعندما تسأل عن سبب هذا الولع الكبير بتلك الآلة، تنهال عليك الشروحات التي تُشدّد على أنها عملية ومتطوّرة تقنياً أكثر من الكومبيوتر العادي، ومثالية للعروضات الحية وللاجتماعات والسفر، على رغم أنها هشة تماماً. غير أن أهم مواصفات ال"لاب توب" تبقى إمكان "أن تأخذه معك حيثما أردت". والمفارقة أن معظم الأشخاص يعترفون بأن حماسة البداية تخفت بعد فترة. وسرعان ما يتحوّل الكومبيوتر النقال إلى عبء يُفضّل الاستغناء عنه أحياناً! لا شك في أن الكومبيوتر النقال أساسي وعملي جداً في بعض الأحيان ولبعض المهن. غير أن انتشاره ولو كان متواضعاً، يعكس حالاً فيها الكثير من الموضة والقليل من الحاجة!