تكاد لا تمر في أحد شوارع بغداد من دون أن ترى محلات لبيع الأجهزة الإلكترونية وتقديم خدمات الانترنت. تزايدت أعداد هذه المحلات منذ بداية الانفتاح الاقتصادي بعد 2003. واستطاعت سوق الإلكترونيات في العراق مواكبة التطوّر عالمياً، على رغم رداءة الأجهزة المستوردة التي تتدفق على البلاد مستفيدة من غياب رقابة حكومية فعّالة. ويعتبر شارع الصناعة في بغداد المركز الرئيسي للأجهزة الإلكترونية. وتتكدّس فيه أجهزة الكومبيوتر والخليوي والأدوات السمعية والبصرية، ومعدّات منزلية للاتصال والتخاطب. وفي السنوات الثلاث الماضية، وُلِدت أسواق منافسة لهذا الشارع، في منطقتي المنصور والكرّادة. وتشمل الأجهزة والأدوات الإلكترونية التي ترد إلى العراق، ماركات عالمية كثيرة، خصوصاً اليابانية والأوروبية والكورية. وتتفوق الأجهزة الصينية على منافساتها في الرواج، بسبب أسعارها المنخفضة. ورأى سرمد ثامر، وهو موزّع معتمد لأجهزة الكومبيوتر في شارع الصناعة، أن الكومبيوتر المحمول «لاب توب» بات الأكثر مبيعاً، وتفوّق على كومبيوتر المكتب «ديسك توب». وأشار أيضاً إلى رواج جهاز ال «آي فون» والكاميرات الرقمية بأنواعها كافة، خصوصاً تلك المستخدمة في المراقبة، إذ تُقبِل الشركات الأمنية والتجارية والمؤسسات الحكومية، على اقتنائها بصورة مطردة. وأكّد ثامر أن هذه الأجهزة تدخل من طريق موانئ محافظة البصرة المطلة على الخليج العربي. وقد ساعد ارتفاع مستوى الحياة في العراق أخيراً على رواج سوق الإلكترونيات, إضافة إلى انتشار الانترنت في المنازل والجامعات والمعاهد والدوائر الحكومية وغيرها. وأوضح ثامر أن أجهزة الخليوي دخلت العراق عام 2004 وانتشرت في شكل سريع. وباتت مظهراً مهماً من مظاهر اتساع سوق الإلكترونيات في البلاد، خصوصاً بين الشباب. وصارت هذه الأجهزة جزءاً أساسياً من سمات الشخصية العراقية الجديدة. وأشار ثامر إلى أن محلات بيع الخليوي تكاثرت في الأحياء والمناطق الشعبية، خصوصاً بعد حصول شركات الهاتف النقّال على تراخيص للعمل في شكل رسمي في العراق، وهو أمر كان ممنوعاً في عهد النظام السابق. وفي سياق متّصل، بيّن أحمد الراوي، وهو من تجار أجهزة الخليوي، أن هذه التجارة كانت محدودة عند بدايتها في عام 2004. وحينها، اعتمدت على الأجهزة القديمة والمستعملة. وحاضراً، تعتمد السوق على على الأجهزة الحديثة والمتطورة حصرياً، بل أن الأجهزة المطلوبة تتغير في غضون أسابيع قليلة، مع ظهور موديلات جديدة. والمعلوم أن شركة «سبرنغ بورد» Spring Board وهي من أبرز الشركات في مجال بحوث أسواق صناعة تكنولوجيا المعلومات، رصدت وصول الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في العراق إلى 63.2 مليون دولار في 2010. وعزت «سبرنغ بورد» هذا النمو إلى الاستقرار النسبي وانتعاش أسعار النفط منذ بداية الأزمة المالية. وأشارت أيضاً الى أن العراق نجح في إجراء بعض التحسينات في تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات، على رغم كونه في حال حرب فعلياً منذ 2003. وأكّدت الشركة عينها أن الحكومة في العراق تبذل جهوداً شاملة لتحسين البنية الأساسية للإنترنت، ما يزيد في انتشارها كما يزيد في أعداد مستخدميها.