عُقدت أمس جولتا محادثات في لندن، الأولى ثلاثية بين أميركا وبريطانيا وليبيا والثانية ثنائية اقتصرت على الأميركيين والليبيين. وتناولت الجلسة الأولى سبل تحسين علاقات طرابلس بالعاصمتين الغربيتين في ضوء تخلي نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عن برامج أسلحة الدمار الشامل وكذلك التحضيرات النهائية لزيارة وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم للندن يومي الإثنين والثلثاء، في حين ناقشت الجلسة الثانية بالتفصيل مستقبل العلاقات الأميركية - الليبية ومطالب كل طرف من الآخر. ويشارك في الاجتماعات مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وليام بيرنز ومسؤولون كبار في الحكومة والاستخبارات البريطانية وكذلك سفير ليبيا في لندن محمد أبو القاسم الزوي وسفير ليبيا في روما عبدالعاطي العبيدي ورئيس الاستخبارات الخارجية الليبية موسى كوسا. وقال الناطق الرسمي الأميركي الدكتور نبيل خوري ان الموضوع الأساسي الذي سيناقشه الأميركيون مع الليبيين "مناقشة تتمة الموضوع الذي بدأته طرابلس بخطوتها الايجابية المتمثلة في قرارها التخلص من اسلحة الدمار وبرامجها". وأضاف ل"الحياة" انه "اجتماع من سلسلة اجتماعات لمتابعة كيف يمكن ان يواصل الخبراء الأميركيون والبريطانيون مساعدتهم الليبيين في التخلص من برامج اسلحة الدمار". ومعلوم ان فنيين من هاتين الدولتين ساعدوا ليبيا الشهر الماضي في تفكيك بعض أجهزتها النووية وشحنها الى مراكز آمنة في الولاياتالمتحدة. وقال خوري ان "المهم انه جو ايجابي ... هناك خطوات أخرى منتظرة من الليبيين مثل إكمال ما بدأوا به من تفكيك لبرامجهم النووية والكيماوية والبيولوجية وسبل التحقق من ذلك، واتخاذ خطوات لتأكيد انه لم يعد هناك تعاون مع الإرهاب الدولي، وكذلك القيام بخطوات ايجابية في إطار الحرب على الإرهاب ... بما يمهّد لإزالة اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية الإرهاب". لكنه رفض وضع جدول زمني لتحقيق ذلك، قائلاً: "اننا نقوم بسياسة الخطوة خطوة. ليبيا تقوم بخطوة ايجابية فنقابلها بخطوة ايجابية". وأبدى اهتمام أميركا ب"الاصلاحات الداخلية في ليبيا ... نحن نشجع اصلاحاً حقيقياً يؤدي الى تعددية وانتخابات واحترام حقوق الإنسان والرأي المعارض". ورفض اتهامات بأن انفتاح الأميركيين على حكم العقيد القذافي يتم على حساب المعارضين الليبيين الذين كانت واشنطن ترعاهم في سنوات الاحتقان مع طرابلس في التسعينات. وقال ان رسالة واشنطن "مبدئية" لكل الأطراف وتنص على ضرورة قيام تعددية حقيقية تتسع للجميع. ويريد الليبيون من الاجتماعات الحصول على جدول زمني معقول بالأمور التي ما زال الأميركيون ينتظرونها منهم لإعادة إطلاق العلاقات الديبلوماسية ورفع العقوبات الثنائية وازالة اسمهم في لائحة الدول الراعية للإرهاب. ويُعتقد ان الأميركيين والليبيين سيعلنون اجراءات لرفع مستوى التمثيل الديبلوماسي بينهما، لكن العلاقات الكاملة ليست متوقعة حالياً. أما على صعيد العلاقات الليبية - البريطانية فالظاهر انها أنجزت الكثير حتى الآن بدليل ان وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم سيقوم الإثنين والثلثاء بزيارة تاريخية للندن هي الأولى من نوعها منذ 1969. وقُطعت العلاقات الليبية - البريطانية في أعقاب مقتل الشرطية ايفون فلتشر برصاصة من المكتب الشعبي الليبي في لندن عام 1984. ويُنظر الى قرار رئيس الوزراء توني بلير استقبال شلقم على انه بمثابة "مكافأة" للحكم الليبي على خطواته الأخيرة في مجال التخلص من اسلحة الدمار. ويُعتقد ان شلقم سيبحث مع المسؤولين البريطانيين في إمكان عقد قمة بين بلير والزعيم الليبي العقيد القذافي. ولم يستبعد مصدر مطلع ان يتم ذلك هذه السنة على هامش اجتماع متوسطي - أوروبي لم يتحدد بعد. وقال انه يتوقع "مفاجأة" ستُعلن على هامش زيارة شلقم للندن. ووافقت ليبيا العام الماضي على دفع 7،2 بليون دولار لأقارب ضحايا طائرة "بان اميركان" التي انفجرت فوق لوكربي عام 1988. كذلك وافقت ليبيا على دفع 170 مليون دولار تعويضات لأسر 170 راكباً قتلوا في تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية التي انفجرت فوق النيجر عام 1989. وما زالت رويترز العقوبات الأميركية سارية على طرابلس وتشمل حظر السفر وعدم وجود تمثيل ديبلوماسي هناك وان كانت العلاقات لم تقطع رسمياً. وتخفيف العقوبات يمكن ان يسمح لشركات النفط الاميركية بما فيها "اواسيس غروب" التي تضم "ماراثون اويل كمباني" و"كونوكو فيلبس" و"اميرادا هيس" استئناف انشطتها في ليبيا التي تنتج حوالى 4،1 مليون برميل يومياً وتنتمي لعضوية اوبك. وقال ادوارد تشابلن، مدير ادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، ان زيارة شلقم الى لندن الاسبوع المقبل ستكون "علامة بارزة في التحسن المنتظم للعلاقات". وقال: "هدفنا هو بصفة عامة مساعدة الليبيين على العودة الى المجتمع الدولي". وفي لاهاي أ ف ب، ابلغت الحكومة الليبية التي انضمت أخيراً الى منظمة حظر الاسلحة الكيماوية خبراء المنظمة الذين وصلوا الخميس الى طرابلس، بأول تقدير لمخزوناتها من الاسلحة الكيماوية. وقالت المنظمة في بيان نشر مساء الخميس في لاهاي ان "جولة اولى من المحادثات التقنية جرت بين مسؤولي الحكومة الليبية وخبراء منظمة حظر الاسلحة الكيماوية وتم الابلاغ عن جوانب متعلقة ببرنامج ليبيا الخاص بالاسلحة الكيماوية". ووصل فريق منظمة حظر الاسلحة الكيماوية الذي يرأسه مديرها العام روجيليو فيرتر الخميس الى طرابلس حيث اجرى محادثات مع وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم. وكانت ليبيا قررت في الشهر الماضي الانضمام الى اتفاق منع الاسلحة الكيماوية، النص المؤسس لمنظمة حظر الاسلحة الكيماوية، بعدما اعلنت في 19 كانون الاول ديسمبر قرارها التخلي عن برنامجها لتطوير اسلحة دمار شامل.