"يا سلام يا ست" جملة غابت 29 عاماً عن محبي الطرب الشرقي الاصيل الذين حجبوا تلك التسمية عن أي مطربة منذ رحيل كوكب الشرق أم كلثوم عام 1975. وما زالت اغاني كوكب الشرق تتربع على عرش الغناء في العالم العربي ولا تزال تلك الحنجرة الذهبية تطربنا حتى الآن. رحلت ام كلثوم في منتصف السبعينات من القرن الماضي بعدما عبرت بفنها وحياتها عن احلام وأمنيات اربعة اجيال متعاقبة. لم تسعَ ام كلثوم الى الشهرة وانما الشهرة هي التي سعت اليها. لم تكن صوتاً فقط، وإنما كانت قيمة فنية وثقافية ومعنوية لها ثقلها في وجدان المستمع العربي اينما كان. جمعت شمل العرب من المحيط الى الخليج على صوتها الصادح الخميس الاول من كل شهر بشكل لم يستطع فعله أي سياسي. لقبها الناس بكوكب الشرق، وآخرون بسيدة الغناء العربي واختصرها البعض ولقبها ب"الست". ساهمت في تغير شكل الغناء العربي ونمطه في القرن العشرين وايضاً في مجال السينما الغنائية مع بداية ظهورها في فيلم "وداد" عام 1936 بعدما قرر رجل الاعمال الوطني طلعت حرب انشاء شركة للانتاج السينمائي باسم استوديو مصر عام 1935. وعرفاناً بالدور الذي لعبته سيدة الغناء العربي في اثراء الوجدان المصري والعربي، وحرصاً على تراثها شيدت الحكومة المصرية لها متحفاً خاصاً في احدى بنايات قصر المانسترلي التاريخي يضم في جنباته قصائد بخطوط شعراء غنت لهم أم كلثوم اجمل اغانيها مع بعض ملاحظاتها المسجلة على هامش الورقة نفسها، ومن بين تلك القصائد قصيدة امير الشعراء أحمد شوقي "سلوا كؤوس الطلا" وقصيدة بيرم التونسي "الحب كده". كما يضم المتحف الكثير من مقتنياتها ابرزها العود الذي كانت تعزف عليه والأوسمة الممنوحة لها من الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات الى جانب الاوسمة التي حصلت عليها من الرؤساء والملوك العرب. ويعرض المتحف ايضاً مجموعة كبيرة من آلات الاستماع من مسجلات وغراموفونات من فترات زمنية مختلفة الى جانب مقتنياتها الشخصية وأهمها "بروش" الهلال الماسي الذي كانت تحرص على وضعه دائماً على صدرها اثناء تقديم حفلاتها في المناسبات الرسمية. وخصصت الاذاعة المصرية في ذكرى رحيل أم كلثوم امس يوماً مفتوحاً امس عبر "الاثير" لاحياء ذكرى رحيل كوكب الشرق بتقديم "عيدية كلثومية" في شكل اعمال غنائية كاملة لهواة التسجيلات ومنها قصيدة "طلعت حرب" و"التتويج الملكي" و"سلو قلبي"، التي قدمتها عقب حرب عام 1967، اضافة الى تسجيل نادر لقصيدة "الى عرفات". كما ألقت الإذاعة الضوء على ما قدمته أم كلثوم منذ مشاركتها مع والدها الانشاد الديني في فترة الطفولة وأهم المحطات الغنائية في مشوارها. واعدت دار الاوبرا المصرية احتفالية ضخمة تقدمها مساء غد على المسرح الكبير ضمن الاحتفال بذكرى أم كلثوم والشاعر الغنائي مرسي جميل عزيز تحييها فرقة عبدالحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشي، وتشدو باغنياتها المطربة الصاعدة مي فاروق ويتضمن الفاصل اغنيتي "بلد المحبوب" و"حانت الاقدار".