سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رغبة الناخبين في اطاحة بوش تطغى على كل الاعتبارات الاخرى وغالبيتهم ضد حرب العراق . كيري في مقدم المرشحين الديموقراطيين عشية اقتراع ناخبي الحزب في 7 ولايات أميركية
يتوجه الناخبون الديموقراطيون في سبع ولايات اميركية اليوم لإختيار مرشحهم الرئاسي لمنافسة الرئيس جورج بوش والحزب الجمهوري على البيت الابيض. وجاء انتصار جون كيري المتوقع في ولاية نيوهامشير، بعد فوزه في ايوا، ليضعه في المقدمة ويكرس تحولا كبيرا في توجهات الناخبين الديموقراطيين. وكان عضو مجلس الشيوخ، قبل ثلاثة اسابيع من الاقتراع، متخلفا بأكثر من 20 نقطة عن منافسه هوارد دين في نيوهامشير. وفي كانون الاول ديسمبر الماضي، كانت الفجوة أكثر من 30 نقطة، واعلن معلقون في حينه ان كيري وصل مبكرا الى نهاية حملته الانتخابية. ويعتبر فوز كيري في نيوهامشير، بفارق 12 نقطة عن دين، تحولا بلغ 32 نقطة في ثلاثة اسابيع، وهو اكبر تحول في مزاج الناخبين تشهده الولاية نحو اي مرشح في تاريخها. ودفع فوزه المزدوج في اول اقتراعين تمهيديين الممولين بعيدا عن دين لمصلحة تمويل حملته، فحصل على اكثر من مليون دولار في الايام الاربعة التي اعقبت الفوز في ايوا، وهو ما يتوقع ان يتضاعف بعد فوزه في نيوهامشير. وانعكس الفوز المعزز لكيري على نتائج الاستطلاعات في الولايات السبع التي ستشهد انتخابات تمهيدية يوم الثلثاء المقبل. وسيتمكن كيري، وهو احد ابطال حرب فيتنام ومن ابرز نشطاء الحركة المعارضة للحرب في الوقت نفسه، من تعزيز تفوقه مع تنامي التبرعات لحملته، فضلا عن ان موقعه سيجعل منه محط اهتمام التلفزيونات والصحف على حساب منافسيه الستة المستمرين في السباق. وتحالف المال والزخم والاعلام لتعزيز وضع كيري في الايام القليلة التي تسبق الاقتراع السباعي، فقرر عضو الكونغرس جيم كلايبرن، وهو السياسي الاسود الاكبر نفوذا في ولاية كارولينا الجنوبية، دعمه بدلا من دعم ابن الولاية جون ادواردز، الذي حل ثانيا في ايوا ورابعا في نيوهامشير. وكذلك اعلن سياسيون بارزون في ولاية ميسوري دعمهم لكيري بعدما انسحب مرشحهم المفضل ريتشارد غبيهارت إثر هزيمته القاسية في ايوا. ويبدو فوز كيري اكبر وقعا بسبب الانحسار الكبير الذي شهده دين بعد تقدمه في استطلاعات الرأي اشهر عدة. إذ لم يحصل دين سوى على ربع اصوات ولاية نيوهامشير التي كانت بدت محسومة لمصلحته قبل اسبوعين من الاقتراع، علما بأن نيوهامشير تجاور فيرمونت، مسقط رأس دين والولاية التي كانت انتخبته حاكما لها. واقدم دين، الذي ركز حملته على معارضة الحرب في العراق والمطالبة بإلغاء قانون خفض الضرائب الذي تبناه بوش، على طرد رئيس حملته الانتخابية جو تريبي. وسيكون على دين الفوز بما لا يقل عن ولايتين من الولايات السبع يوم الثلثاء إذا كان سيقنع مؤيديه بالتبرع لحملته بعدما انفق الجزء الاكبر من امواله على الدعايات الانتخابية التلفزيونية في ايوا ونيوهامشير من دون جدوى. ولم ينجح ادواردز في البناء على الزخم الذي حققه بوصوله غير المتوقع الى المرتبة الثانية في ايوا للفوز في نيوهامشير حيث حل رابعا بعدما تفوق عليه بفارق ضئيل الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي الذي حصل بدوره على 12 بالمئة من الاصوات. إلا ان تقدم كيري لا يعني بأن السباق بات محسوما لمصلحته. إذ ان مجموع عدد المندوبين الذين تم اختيارهم حتى الآن هو 67 من اصل 3520 مندوبا يمثلون الولايات الخمسين سيحضرون مؤتمر الحزب، علما بأن يوم الثلثاء المقبل سيقرر مصير 297 منهم. ويشار الى ان ما يقرب من ثلث الناخبين في نيوهامشير اتخذوا قرارهم النهائي في الايام الثلاثة الاخيرة قبل التصويت. ويرجح مراقبون اسباب بقاء كيري في المقدمة بعد ايوا هو غياب حملات المرشحين ضده بعد ردة الفعل السلبية التي اظهرها الناخبون في ايوا في ضوء الانتقادات المتبادلة بين غيبهارت ودين والتي اضعفت كلاهما لمصلحة كيري الذي ابقى دعايته الانتخابية بعيدا عن مهاجمة المرشحين الآخرين. إلا انه من المستبعد ان تبقى الحملة الانتخابية نظيفة الاسبوع المقبل في ظل استماتة مرشحين مثل دين وكلارك وادواردز على تحقيق فوز في احدى الولايات على الاقل، ما يعني ان الحملة ضد كيري ستتصاعد في شكل ملحوظ. إذ سيضطر المرشحون الى مهاجمة منافسيهم لتمييز انفسهم عنهم، وخصوصا المرشح المتقدم. وتعكس الانقسامات بين المرشحين ايضا انقسام الحزب الديموقراطي نفسه. إذ فيما دعم الرئيس السابق بيل كلينتون مرشحه المفضل كلارك، القى نائب الرئيس السابق ومرشح الحزب لعام 2000 آل غور ثقله وراء دين. وحتى الآن، يبدو أن المرشحين الذين اتخذوا موقفا مرنا من مسألة الحرب على العراق خرجوا من السباق او يكادون كارول موزلي براون وغيبهارت وليبرمان بسبب معارضة غالبية الناخبين الديموقراطيين لتلك الحرب. وطغت رغبة الناخبين الديموقراطيين في اطاحة بوش على كل الاعتبارات الاخرى عند الادلاء بأصواتهم، تليها الرغبة بانتخاب مرشح وسطي خلافا لهوارد دين الذي يقف يسار الوسط وتليها المعارضة للحرب والقضايا الاقتصادية والخدمية الاخرى. واظهرت الاستطلاعات ان الشعار الذي رفعه بوش وهو "المحافظة الرؤوفة" لم ينجح في كسب الديموقراطيين المترددين والمستقلين الى الحزب الجمهوري. وهزيء المرشحون الديموقراطيين من جهود بوش لإصلاح التعليم والنظام الصحي للمسنين. وكشف التصويت في نيوهامشير ان الناخبين "يصوتون استراتيجيا" خلافا للحكمة السائدة بإستنادهم الى شخصية المرشح ومدى قدرته على مواجهة بوش بدلا من التركيز على القضايا التي تبنوها. ومنح نصف الناخبين الذين صوتوا على هذا الاساس اصواتهم لكيري بإعتبار انه اقدر على اطاحة بوش وليس ادواردز الذي يعتبر متحدثا افضل او دين الذي تمكن من جمع اكبر قدر من التبرعات. الا ان سجل كيرى لا يقتصر على شخصيته فحسب: فهو يجمع بين السجل المشرف في فيتنام بوش تفادى الانخراط في الجيش، والخبرة في مجلس الشيوخ، ما منحه تأييد قطاع واسع داخل الحزب الديموقراطي. وحصل كيري في نيوهامشير على اصوات العمال واغلبية المتعلمين، فضلا عن عمال مصانع السيارات ورجال الاطفاء. والسؤال اليوم هو كيف سيكون شكل المنافسة من الآن فصاعدا بين كيري وبقية المتنافسين في ضوء الفارق الكبير. يبدو ان ليبرمان لم يعد عاملا مؤثرا، فيما فقد كلارك مبرر ترشحه بعد تراجع دين الذي يفترض ان كلارك جاء بديلا منه، إذ لم يعد بإمكانه ان يطرح نفسه بوصفه صاحب خبرة عسكرية في مواجهة كيري، العسكري المخضرم. وسيضطر ادواردز الى الفوز بأكثر من ولاية ساوث كارولينا مسقط رأسه ان كان سيحقق زخما يعطيه فرصة منافسة كيري. وينطبق الوضع نفسه على دين الذي يعتبر اقوى منافس لكيري حتى الآن. ويستنتج من ذلك ان السباق قد ينحصر قريبا بين اثنين او ثلاثة هم كيري ودين وادواردز.