اعتبر مراقبون ان المؤسسة العسكرية في الجزائر حققت انتصاراً سياسياً بارزاً مع استكمال الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ولايته الرئاسية الأولى كاملة، ليكون بذلك أول رئيس يكمل ولايته منذ العام 1989. ووفر هذا الوضع استقراراً سياسياً لمؤسسة الرئاسة التي كانت ضحية الاهتزازات التي عرفتها البلاد منذ أحداث خريف 1988. ويعتقد سياسيون بأن تولي الرئاسة ادارة الشأن السياسي اسقط اتهامات المعارضة للمؤسسة العسكرية. ويؤكد قريبون الى بوتفليقة ان الجيش تخلى عن ادارة الشؤون السياسية ليمارس صلاحياته الدستورية التي تتعلق بحماية مؤسسات الدولة والوحدة الوطنية الترابية. ويشيرون الى ان حياد المؤسسة العسكرية في الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 نيسان ابريل المقبل "واقع لا مفر منه"، مشيرين الى تصريحات مرشحي المعارضة التي تؤكد "تخلي الجيش عن لعب الأدوار السياسية التي كان يقوم بها في السابق". ويقول وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم ان "الجيش التزم ان يكون محايداً" في الانتخابات، و"ليس هناك أدنى شك في ان كرسي الرئاسة ستحسم عبر صناديق الاقتراع". ويرى الشيخ أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الاسلامية ان "الفترة التي كان يصعد فيه الرؤساء الى قصر المرادية على متن الدبابات انتهت"، في اشارة الى الدور الذي كانت تقوم به المؤسسة العسكرية منذ استقلال الجزائر العام 1962. في موازاة ذلك، يعتبر رئيس الحكومة السابق مولود حمروش ان الانتخابات المقبلة "مغلقة" لمصلحة التجديد لبوتفليقة، ولذلك قرر الانسحاب من سباق الرئاسة. كذلك عبر رئيس الحكومة السابق مقداد سيفي عن قناعته بأن النتائج معروفة سلفاً، وهو الانطباع نفسه الذي تكون لدى الجنرال السابق رشيد بن يلس الذي كان أول من أعلن ترشيحه قبل ان ينسحب من السباق، بسبب قناعته من ان الجيش "يدعم فعلاً ترشيح الرئيس بوتفليقة". لكن ثمة من يعتبر ان المؤسسة العسكرية قد تقوم بدور "ديموقراطي" من شأنه خلط الأوراق في الانتخابات المقبلة، ما شجع بعض مرشحي المعارضة على خوض المنافسة، مثل الدكتور أحمد طالب الابراهيمي والشيخ عبدالله جاب الله، وكلاهما انسحب قبل ساعات من الاقتراع في انتخابات العام 1991 بسبب "التزوير المسبق" للنتائج. ويرى الديبلوماسي وزير الاعلام السابق عبدالعزيز رحابي ان المؤسسة العسكرية "لن تلعب دوراً سياسياً في الانتخابات المقبلة". لكنه اعرب عن الاعتقاد بأن هذا الأمر "لا يعني ان يقبل الجيش بالتجاوزات وخرق الدستور وتوظيف السياسي للعدالة أو الاخلال بالتوازن المؤسساتي في البلاد". معتبراً ان دور المؤسسة العسكرية "سيكون فعالاً وليس مجرد ملاحظ بسيط لأن استقرار البلاد يمر حتماً باحترام الدستور". وكانت "الجبهة المضادة للتزوير" التي تضم عشرة مرشحين الى الرئاسة رفعت مذكرة الى الهيئات العليا في الدولة، بينها رئاسة أركان الجيش، تتعلق بمزاعم عن خروقات بوتفليقة لأحكام الدستور وقوانين الجمهورية. وتوقع رحابي ان "تقدم المؤسسة العسكرية قريباً رداً ايجابياً على هذه المذكرة" التي طالبت ايضاً بأن يلعب الجيش "دوراً" في ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة وشفافيتها.