سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التماسات في المحكمة العليا الاسرائيلية ضد "الجدار" والنيابة تؤكد ان الحكومة تدرس تغيير مساره . شارون يتراجع والانسحاب من قطاع غزة على مرحلتين وسط انباء عن رفض أميركي لخطة "غزة مقابل الضفة"
استمعت المحكمة العليا الاسرائيلية أمس الى التماسات ضد بناء "الجدار الفاصل" قدمتها منظمات حقوقية اسرائيلية ودولية دفعت ب"عدم قانونية" مشروع كهذا تنفذه دولة محتلة على ارض تحتلها لانه يخالف القوانين الدولية من جهة وبسبب "التأثير الهدَّام" لمسار الجدار على حياة نحو 800 الف مواطن فلسطيني. واعتبرت الالتماسات "تجربة" عملية تهدف الى استطلاع ما قد تواجهه اسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي التي ستبت في "قانونية الجدار". في الوقت نفسه، واصلت الحكومة الاسرائيلية، ومن ورائها اللوبي الاسرائيلي، العمل في الساحة الاميركية بما فيها الكونغرس، من اجل انتزاع موافقة اميركية على خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون ل"فك الارتباط" خصوصاً في قطاع غزة، وسط تأكيد مصادر سياسية في مكتبه ان اخلاء المستوطنات من هذا القطاع سيتم "على مرحلتين" على الارجح، في اشارة الى تراجع شارون عما كان تعهد به شخصيا قبل ايام وتعزيزا ل"شكوك" الادارة الاميركية بجدية المشروع الشاروني. أعلن ممثل النيابة العامة الاسرائيلية أن حكومة أرييل شارون "تعيد النظر" في مسار "الجدار الفاصل" في المقاطع التي تنوي اسرائيل استكمالها على طول 700 كيلومتر تقع في معظمها داخل اراضي الضفة الفلسطينية المحتلة، مشيراً الى ان "ثمة مجالاً للتغيير. لم ينته كل شيء وستكون هناك تغييرات. اذا ما اتضح ان من الممكن ذلك واذا كان نقل المقطع مسألة يحتمها عدم المس بحياة الفلسطينيين". جاء ذلك في معرض رد النيابة العامة الاسرائيلية على عدد من الالتماسات التي تقدمت بها منظمات حقوقية اسرائيلية ودولية ضد بناء الجدار امام المحكمة العليا الاسرائيلية في أول جلسة لها للنظر في "قانونية" بناء الجدار الاسرائيلي. ورأى المراقبون ان الالتماسات بمثابة "بروفا" للدفاع الذي ستقدمه الحكومة الاسرائيلية امام محكمة العدل الدولية. وذكر ممثل النيابة الاسرائيلية ميكئيل بلاس أن بناء الجدار "ضروري ومهم لأسباب أمنية لمنع تسلل ناشطين فلسطينيين للقيام بعمليات تفجيرية في اسرائيل". وادعت النيابة ايضا امام قضاة المحكمة الثلاثة برئاسة القاضي اهارون باراك، انه ليس ضروريا النظر في الالتماسات المقدمة لأن "المسألة سياسية وليست قانونية" تماما كما ادعت الحكومة الاسرائيلية في مذكرتها القانونية التي بعثت بها الى المحكمة الدولية الاسبوع الماضي. أما منظمات حقوق الانسان التي قدمت الالتماسات ومن بينها "مركز حقوق الفرد في اسرائيل" والتي مثلها المحاميان أفيغدور فيلدمان وميخائيل سفراد، فطالبت المحكمة ب"توجيه الحكومة ... بأن هذا المشروع بناء الجدار لا يمكن تنفيذه داخل الاراضي المحتلة من دون مخالفة القانون الدولي"، داعين الى بنائه في حدود العام 1967، ومؤكدين ان "مساره لا يعكس اعتبارات امنية بل سياسية ايضا اذ ان الحكومة تريد ضم مستوطنات ايضا". الانسحاب من غزة على مرحلتين في غضون ذلك، اكد مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون ان خطة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة التي كان اعلن عنها شارون نفسه الاثنين الماضي "ستشمل عددا اقل من المستوطنات التي تحدث عنها شارون". ورجحت المصادر بحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، اخلاء "المستوطنات المعزولة فقط على ان يتم تأجيل اخلاء مستوطنات غوش قطيف الى مرحلة ثانية" وذلك "وفقاً للمقابل الذي ستعرضه الادارة الاميركية". وفي جميع الاحوال، لن ينسحب الجيش الاسرائيلي من منطقة غور الاردن في اطار خطة "فك الارتباط" على رغم الخلاف على أهمية هذه المنطقة في اعقاب الحرب على العراق. وفيما اعلن رسمياً ارجاء موعد وصول المبعوثين الاميركيين اللذين كان من المقرر ان يطلعا على "تفاصيل" خطة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة كجزء من مخطط "فك الارتباط" بسبب الحالة الصحية لشارون، قالت مصادر اسرائيلية ان مسؤولين في الادارة الاميركية اشاروا الى "تغيير ايجابي في الموقف الاميركي من الخطة على رغم التخوف من التفاصيل ومن صدقية شارون وتحفظ الادارة الاميركية على الدعم المالي الذي تطالبها به اسرائيل". تحركات اسرائيلية في الكونغرس واشارت المصادر الى ان واشنطن ابلغت اسرائيل انها لن تقبل بتوسيع الاستيطان في الضفة في مقابل اخلاء مستوطنات في قطاع غزة. وكشفت الصحف الاسرائيلية "تحركات" يشهدها الكونغرس "لبلورة وثيقة" تلقي باللائمة على الجانب الفلسطيني "بعدم ايفائه التعهدات التي قطعها في قمة العقبة"، الامر الذي ترى المحافل الاسرائيلية انه "يفتح الطريق امام الخطوات الاحادية الجانب وموافقة الادارة الاميركية التي ارتبط اسم رئيسها جورج بوش بخريطة الطريق، على دفن الخريطة واستبدالها بخطة شارون". وقالت المصادر الاسرائيلية ان المسؤولين الاسرائيليين اقنعوا نظراءهم الاميركيين بأن خطة شارون تأتي في اطار "حل انتقالي وليست بديلاً للتسوية النهائية". وفي الوقت ذاته، نقل عن مصادر في الادارة الاميركية قولها ان واشنطن "لن تقبل بخطة شارون الا اذا كانت تنخرط في مسار خريطة الطريق". الى ذلك، رأى المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" عكيفا الدار ان السبب وراء اطلاق شارون خطته "فك الارتباط" ليس للتغطية على الملاحقة القانونية التي يتعرض لها على خلفية "الرشاوى والمحسوبيات" بل للتغطية على "اخفاقات اكبر واشد خطورة من ذلك وهو فشل نظرية شارون واليمين الكارثية بامكان السيطرة على شعب اخر بقوة الذراع".