بغض النظر عن الاسباب التي دفعت المناضل الاسير مروان البرغوثي الى قلب موقفه في موضوع انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية من اعلان تأييده لمرشح حركة"فتح"الوحيد محمود عباس ابو مازن رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم الجمعة الماضي الى اعلانه اول من امس فجأة على لسان قرينته السيدة فدوى البرغوثي ترشحه من السجن للرئاسة ك"مستقل"، فان هذا الانقلاب يحدث ارباكاً خطيراً يمس حركة"فتح"ووحدتها. وقد فُهِم يوم الجمعة الماضي ان البرغوثي الذي يتمتع بشعبية عالية على مستوى قواعد حركة"فتح"قرر دعوة كوادر الحركة الى دعم"ابو مازن"بعدما اتخذ المجلس الثوري ل"فتح"قراراً بتحديد آب اغسطس 2005 موعداً لعقد المؤتمر ال16 ل"فتح"، الذي يؤمل ان يفتح المجال امام صعود قيادات شابة ولدت وناضلت داخل الاراضي الفلسطينية، لتطعيم الحرس القديم الذي عاد الى ارض الوطن من الخارج مع بداية تأسيس السلطة الوطنية بموجب اتفاقات اوسلو الفلسطينية. وكان هذا المطلب المتعلق بتصعيد قيادات شابة الى جانب القيادات القديمة مطلباً عادلاً يندرج ضمن الصراع الاعتيادي بين الاجيال في اي مجتمع لكنه يكون متأججاً في ظل النضال من أجل التحرر وفي مواجهة تحديات كبيرة كتلك الماثلة أمام الشعب الفلسطيني والتي تقترب من كونها تهديداً وجودياً. وقد رأى معظم الفلسطينيين ان مروان سجل في سجنه موقفاً مسؤولاً حرص فيه، كما أعلن، على"وحدة حركة فتح"و"طريق تعميق الديموقراطية فيها"بعد ان وصلته رسالة من"ابو مازن"واخرى من رئيس الوزراء احمد قريع لم يكشف محتواهما ولكن يعتقد انهما تتضمنان وعوداً تتعلق بالانتخابات الداخلية في"فتح". ترى هل اكتشف مروان فجأة ان"ابو مازن"يرفض عسكرة الانتفاضة؟ بالطبع لا، اذ طالما جاهر"ابو مازن"برفضه عسكرة الانتفاضة، وهو رجل يعلن مواقفه دوماً، سواء اتفق معه المرء فيها أو خالفه، بمنتهى الصراحة والوضوح ويسندها بمبررات جليّة قد يحمد عليها او ينتقد بسببها. ثم ان"ابو مازن"، كما أعلن الاربعاء، لا يختط لنفسه نهجاً سياسياً خاصاً به وانما يلتزم ما تتبناه مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية و"فتح". وكان الرجل قد اعلن ان خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات الاخير امام المجلس التشريعي وصية واجبة التنفيذ. وفي صلب ذلك الخطاب - الوصية التمسك باقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلت في حرب 1967 وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين على اساس قرار الاممالمتحدة 194 وتأمين حرية الاسرى. لكن، مرة أخرى، ما الذي دفع البرغوثي الى التراجع عن تأييده ل"ابو مازن"وترشيح نفسه ك"مستقل"يفصل نفسه عن حركته الأم؟ ألم يرض عن تصريحات"ابو مازن"لمجلة"المصور"المصرية، وهي تصريحات ليس فيها ما يثير خوفاً على المصالح الوطنية الفلسطينية؟ ام ترى هل انتظر مروان كلمة تقدير من"ابو مازن"على تأييده له ولم يسمعها؟ ام تراه تلقى رسائل قوية من قواعد شعبية فتحاوية تحضه على ترشيح نفسه؟ قد لا نعلم على وجه اليقين ما الذي أدى الى ذلك الانقلاب. لكن مما لا شك فيه انه ضار بالنضال الفلسطيني بكل اشكاله وأدواته في مرحلة حرجة للقضية الفلسطينية وقد يشكل عاملاً منغصاً في العلاقات الفلسطينية على الساحة الدولية.